سياسة

عبد الرحمان اللمتوني: المنازعات القضائية ضد الإدارات العمومية تشكل عبئ مالي كبير على ميزانية الدولة

في محاضرة احتضنتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، أكد عبد الرحمان اللمتوني، الوكيل القضائي للمملكة، أن المنازعات القضائية ضد الإدارات العمومية باتت تشكل عبئا ماليا كبيرا على ميزانية الدولة، مما يستدعي وضع استراتيجية فعالة للوقاية منها وترشيد النفقات العمومية.
وأشار اللمتوني إلى أن تكرار هذه المنازعات من قبل مؤسسات الدولة يؤدي إلى استنزاف المال العام، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا للحد من هذه الظاهرة. وأوضح أن توفير الموارد التي يتم إنفاقها على تدبير النزاعات يمكن أن يستخدم في تمويل مشاريع تنموية مثل المدارس والطرقات، ما يعزز من أهمية تبني مقاربة استباقية لحماية المال العام.
أسباب ارتفاع المنازعات ضد الدولة
أبرز المسؤول القضائي مجموعة من العوامل التي تساهم في ارتفاع النزاعات القضائية ضد الدولة، من بينها ضعف وقاية المؤسسات العمومية من الوقوع في أخطاء قانونية متكررة، وعدم المعرفة الكافية بأدوار الوكالة القضائية للمملكة، خصوصا على المستوى الجهوي. كما أشار إلى أن بعض النزاعات تنشأ بسبب نصوص قانونية تجعل الدولة مضطرة للدخول في التقاضي، كما هو الحال في قضايا نزاع الملكية.
إلى جانب ذلك، ساهمت بعض القوانين الحديثة في زيادة مسؤولية الدولة القانونية، ومنها الفصل 122 من الدستور الذي يقر بحق كل متضرر من الخطأ القضائي في الحصول على تعويض، بالإضافة إلى قوانين أخرى مثل تلك المتعلقة بالعقوبات البديلة، مما رفع من عدد الدعاوى المرفوعة ضد الدولة.
تحديات تدبير المنازعات القضائية
استعرض اللمتوني التحديات التي تواجه تدبير منازعات الدولة، مشيرا إلى أن هذا التدبير يعاني من عدم المركزية، حيث لا يوجد نظام موحد لرصد وتتبع القضايا المرفوعة ضد الدولة. وأوضح أن ظهير 1953، الذي خضع لبعض التعديلات، منح بعض الإدارات صلاحية تنصيب محامين، مما أدى إلى غياب رؤية شاملة لحجم النزاعات وعدد الأحكام الصادرة ضد الدولة. ولفت إلى أن المحاكم الإدارية تشهد سنويا نشاطا مكثفا يقدر بحوالي 60 ألف قضية، إلا أن الوكالة القضائية تتوصل فقط بثلث هذه القضايا، مما يعكس حجم الشتات في تدبير هذا الملف.
نحو استراتيجية جديدة لترشيد النفقات
أكد الوكيل القضائي للمملكة أن وضع تصور شامل للوقاية من المنازعات القضائية يعد ضرورة ملحة لضبط الإنفاق العمومي. وأشار إلى أن تدبير هذه القضايا يجب أن يقوم على مبدأ الحكامة الجيدة، مع التركيز على تتبع النزاعات وتقييم النتائج المحققة واقتراح حلول مبتكرة لتحسين الأداء. كما شدد على أهمية تعزيز التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية والشركاء لضمان إدارة أكثر كفاءة للمنازعات، بما يضمن حماية المال العام وتحقيق العدالة القانونية بفعالية أكبر.
يبقى ترشيد تدبير المنازعات القضائية ضد الدولة تحديا يتطلب جهودا مكثفة من جميع الأطراف المعنية. فإصلاح هذا القطاع لا يقتصر فقط على تقليص النفقات، بل يشمل أيضا تعزيز الشفافية والعدالة، وضمان عدم تكرار الأخطاء القانونية التي تثقل كاهل الميزانية العامة. ومن هنا، فإن وضع استراتيجية متكاملة تهدف إلى الوقاية من النزاعات وتطوير آليات فعالة لمعالجتها يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق حكامة قانونية ومالية رشيدة.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close