سياسة
فوز الجزائر في الاتحاد الأفريقي: فرحة طفولية أم متنفس لإفراغ صرخات ألم الهزائم السابقة

في مقال للدكتور عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، بعنوان “عضوية النظام الجزائري.. غريق يتشبث بقشة”، أشار إلى أن “مشاهد السخرية السوداء” التي رافقت احتفالات ممثلي النظام العسكري الجزائري بـ”فوزهم” بمنصب نيابة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يوم 15 فبراير، تكشف عن “عدم توفرهم على تقاليد أصيلة للاحتفال”.
وأضاف بوصوف أن ممثلي النظام العسكري الجزائري “بدت عليهم علامات الدهشة من هذا الفوز المفاجئ والتيه، إذ لم يجدوا من أعرافهم إلا شعارات ملاعب الكرة: “وان تو تري فيف لالجيري”، وهو ما يعيد طرح سؤال الهوية وخرافة الأمة الجزائرية؟”
فرحة مبالغ فيها أم نصر دبلوماسي؟
رغم أن الفوز لم يكن سوى بمنصب “نيابة رئيس مجلس الأمن والسلم الإفريقي”، وهو منصب لا يمنح الجزائر تأثيرا فعليا في صنع القرار داخل المنظمة، إلا أن النظام الجزائري احتفى به كما لو كان انتصارا دبلوماسيا غير مسبوق، خاصة في ظل المنافسة مع المملكة المغربية. وأوضح بوصوف أن هذه الفرحة الطفولية كانت بمثابة متنفس سياسي بعد سلسلة من الإخفاقات التي تعرض لها النظام الجزائري في المحافل الدولية.
وأشار إلى أن هذا الفوز جاء في وقت رفعت فيه المنظمة الإفريقية شعارا سنويا يركز على تحقيق العدالة للأفارقة وتعويض الأضرار الناجمة عن الاستعمار والعبودية. ووفقا لبوصوف، فإن المفارقة تكمن في أن ممثلي النظام الجزائري، خلال احتفالهم، لم يستطيعوا حتى التعبير عن فرحتهم بأسلوب يعكس هوية ثقافية واضحة، مما يدل على استمرار تأثير الاستعمار على تركيبتهم الفكرية.
هل الجزائر مؤهلة لعضوية مجلس الأمن والسلم الإفريقي؟
يشير بروتوكول مجلس الأمن والسلم الإفريقي إلى معايير محددة يجب أن تستوفيها الدول الأعضاء، من بينها الالتزام بقيم المنظمة، والمساهمة الفعالة في ترسيخ السلم والأمن، والقدرة على تحمل مسؤوليات المجلس، والمشاركة في حل النزاعات بطرق دبلوماسية بناءة.
غير أن النظام الجزائري، كما يؤكد بوصوف، لم يحترم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، حيث استمر في افتعال أزمة الصحراء المغربية، واحتضان الحركات الانفصالية بمخيمات تندوف، إضافة إلى دعمه لجماعات مسلحة في منطقة الساحل، مما يجعله بعيدا كل البعد عن مبادئ الاتحاد الإفريقي المتعلقة بالأمن والسلم.
التحديات المقبلة وإمكانية مراجعة العضوية
يشير بوصوف إلى أن النظام الجزائري، رغم دخوله إلى مجلس الأمن والسلم الإفريقي، يظل محاصرا داخليا وخارجيا، خاصة مع تصاعد الانتقادات لسجله في حقوق الإنسان، وممارساته التي تعكس توجها سلطويا يقمع الحريات ويحد من أي معارضة سياسية.
وأضاف أن البروتوكول المنظم لمجلس الأمن والسلم الإفريقي يتضمن آلية للمراجعة الدورية لأنشطة الدول الأعضاء، مما يفتح المجال أمام احتمال مراجعة عضوية الجزائر إذا ثبت عدم التزامها بشروط الانضمام.
المغرب.. شريك إفريقي موثوق
في المقابل، أكد بوصوف أن المغرب يظل فاعلا رئيسيا داخل الاتحاد الإفريقي، حيث يتمتع بعضوية قوية في العديد من أجهزته، كما يحتضن بعض مقرات المنظمة في الرباط، وهو ما يعكس مكانته كدولة تسعى إلى تعزيز التعاون والتنمية في القارة.
يخلص بوصوف إلى أن حصول الجزائر على منصب داخل مجلس الأمن والسلم الإفريقي لا يعكس بالضرورة نفوذا سياسيا حقيقيا، بل جاء نتيجة لآليات التوزيع الجغرافي للمناصب داخل الاتحاد الإفريقي. إلا أن التحدي الأهم هو مدى قدرة الجزائر على الالتزام بمبادئ المنظمة، في وقت تظهر فيه سياساتها الداخلية والخارجية توجهًا مناقضًا لتلك المبادئ. وفي المقابل، يواصل المغرب نهجه القائم على التعاون والتنمية، مما يعزز موقعه كشريك موثوق في القارة الإفريقية.
فاطمة الزهراء الجلاد.