سياسة

عبد الصمد بلكبير: حل الدولتين كان تكتيكا اضطراريا… وترامب لا يسعى لحل القضية الفلسطينية

في خضم الصراعات الجيوسياسية المتشابكة، يبرز حل الدولتين كإحدى القضايا الأكثر تعقيدا وإثارة للجدل، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. ووفقا للمحلل السياسي عبد الصمد بلكبير، لم يكن هذا الحل سوى مرحلة تكتيكية اضطرارية تهدف إلى تحرير فلسطين وعموم بلاد الشام، بل وتحرير اليهود أنفسهم من التأويلات الأيديولوجية والسياسية التي فرضتها الصهيونية والتيارات الدينية المتشددة.
غير أن هذه المقاربة لم تصمد أمام المصالح الكبرى للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، الذي سعى للحفاظ على حالة الصراع المستمرة خدمةً لمصالحه الاقتصادية والاستراتيجية. ومن هذا المنطلق، حسب رؤية بلكبير، فإن اغتيال رموز الحل السياسي، مثل ياسر عرفات وإسحاق رابين، لم يكن مجرد صدفة، بل خطوة محسوبة لإفساح المجال أمام قوى أكثر تشددا، سواء على الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي. وقد أدى ذلك إلى تحول الصراع من مسار علماني إلى طابع ديني أيديولوجي، ما زاد من تعقيد إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية عادلة.
تداعيات الهيمنة الأمريكية على المنطقة والعالم
يضع المحلل السياسي هذه القضية ضمن سياق أوسع يتمثل في الدور الأمريكي العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990، حيث شهد العالم تدخلات عسكرية وأزمات متتالية في مناطق عدة، من العراق وأفغانستان إلى ليبيا وسوريا، مرورا بأوروبا الشرقية وأوكرانيا. هذا التدخل المستمر لم يكن عشوائيا، بل يعكس استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل النظام الدولي بما يتناسب مع المصالح الغربية، خاصة في مواجهة القوى الصاعدة مثل الصين وروسيا.
موقف ترامب وتحديات السياسة الأمريكية
يرى بلكبير أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه تمثل محاولة لإصلاح التركة الثقيلة التي خلفها المجمع الصناعي العسكري، لكن المسألة الفلسطينية تظل الأكثر تعقيدا وتأجيلا مقارنة بغيرها من الأزمات. ويرجح أن التصريحات التي يطلقها ترامب حول فلسطين ليست سوى مناورات إعلامية تهدف إلى كسب الوقت وإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية، في ظل صراعه الداخلي مع أجهزة الاستخبارات ورأس المال الحربي.
نحو نظام عالمي جديد؟
يشير التحليل إلى أن النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية يتهاوى، وأن هناك نظاما جديدا في طور التشكل. سيكون هذا النظام، وفقا لتوقعات المحلل السياسي، أقل ظلما واستغلالا، وأكثر عدالةً واستقرارا، لكن الولايات المتحدة ستسعى إلى تقليل خسائرها خلال هذه المرحلة الانتقالية.
ويؤكد بلكبير أن القضية الفلسطينية هي الأكثر تعقيدا من بين القضايا التي تواجه المجمع الصناعي المدني، وأن حلها سيكون مماثلا لاتفاق أوسلو، مع بعض الجزئيات والتفاصيل، مثل قطاع غزة. وكما يرى المحلل السياسي، أن وقف الحرب الأوكرانية الروسية هو الأولوية القصوى، وأنه سيعود بالنفع على الغرب والعالم بأسره.
يقدم تحليل عبد الصمد بلكبير رؤية استشرافية عميقة للقضية الفلسطينية، ويضعها في سياق التحولات الجيوسياسية العالمية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الصراع وحلول التسوية الممكنة. كما يدعو إلى إعادة عقد التحالف الأمريكي الأوروبي على جميع المستويات، بعيدا عن هيمنة “السيئة” C.I.Aالتي استأثرت به خلال العقود الأربعة الماضية.
في ظل هذه التغيرات، يبدو أن القضية الفلسطينية ستظل رهينةً للتحولات الكبرى التي يشهدها العالم، حيث يبقى مستقبلها مرتبطا بالتحولات الجيوسياسية ولن يكون حلها بمعزل عن إعادة تشكيل النظام العالمي. وفي الوقت الذي تنشغل فيه القوى الكبرى بإعادة ترتيب مصالحها، تظل فلسطين، ومعها العديد من القضايا العادلة، في انتظار عدالة مفقودة قد لا تأتي إلا بعد سقوط الهيمنة الأحادية وقيام نظام عالمي جديد.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close