
يشهد قطاع النقل الجوي في المغرب نقلة نوعية مع إطلاق المكتب الوطني للمطارات لاستراتيجيته الطموحة “مطارات 2030″، وهي رؤية جديدة تهدف إلى تحديث البنية التحتية للمطارات وتحسين تجربة المسافرين وفقا لأرقى المعايير الدولية. تأتي هذه الخطة استجابة للتوجيهات الملكية السامية التي أكد عليها المجلس الوزاري المنعقد في 4 دجنبر 2024، والتي تسعى إلى دعم التنمية الاقتصادية والاستعداد للتحديات المستقبلية في هذا القطاع الحيوي.
تحول شامل في البنية التحتية
تتمحور استراتيجية “مطارات 2030” حول ثلاثة محاور رئيسية: تحديث البنية التحتية، تحسين تجربة المسافرين، وتحول المكتب الوطني للمطارات إلى مؤسسة أكثر نجاعة وفعالية. ومن بين المشاريع الكبرى التي ستشهدها هذه الاستراتيجية، توسيع وتحديث المطارات الرئيسية في البلاد، وفي مقدمتها مطار محمد الخامس الدولي، الذي سترتفع طاقته الاستيعابية من 14 مليون مسافر إلى 35 مليون مسافر بحلول عام 2029. وسيساهم هذا التطوير في تحويل المطار إلى محور إقليمي ودولي يربط القارات الخمس.
إلى جانب ذلك، سيتم العمل على توسعة مطارات مراكش وأكادير وطنجة وفاس لمواكبة النمو المتزايد لحركة النقل الجوي في المملكة، مما يعزز من مكانة المغرب كوجهة سياحية واستثمارية بارزة.
تجربة سفر متطورة تعتمد على التكنولوجيا
في إطار هذه الدينامية، ستشهد تجربة المسافرين في المطارات المغربية تحسنا ملحوظا من خلال الاعتماد على أحدث التقنيات في مجالات الرقمنة والابتكار. ويطمح المكتب الوطني للمطارات إلى جعل المطارات فضاءات متصلة وذكية، حيث يصبح التنقل داخلها أكثر سلاسة بفضل حلول تكنولوجية متطورة، مثل التسجيل الذاتي والتعرف البيومتري.
ويؤكد المدير العام للمكتب الوطني للمطارات، عادل الفقير، أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى جعل “مطارات الغد تجسد صورة مغرب منفتح ومضياف، يتماشى مع أعلى المعايير الدولية ويوفر تجربة سفر سلسة ومريحة”.
تحول مؤسسي لتعزيز الحوكمة
إضافة إلى التحديث المادي والتكنولوجي، يشمل مخطط “مطارات 2030” تحولا مؤسسيا عميقا يهدف إلى تعزيز الحكامة وتحسين إدارة البنية التحتية للمطارات. سيتم تحويل المكتب الوطني للمطارات إلى شركة مساهمة، مما سيمكنه من العمل بمرونة أكبر، وتوفير بيئة أكثر احترافية وفعالية في إدارة المشاريع وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
وفي هذا السياق، يتم التركيز على تطوير الكفاءات البشرية عبر برامج تدريب مستمرة، وتشجيع ثقافة الابتكار داخل المؤسسة لضمان تقديم خدمات عالية الجودة للمسافرين والشركاء.
مطار المستقبل واستحقاقات كأس العالم 2030
يأتي هذا المشروع الطموح في إطار استعدادات المغرب لاحتضان فعاليات كبرى، وعلى رأسها كأس العالم 2030، حيث يتوقع أن تستقبل البلاد أعدادا غير مسبوقة من المسافرين. وبالتالي، فإن تطوير البنية التحتية للمطارات يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى ترسيخ مكانة المغرب كمركز لوجستي رئيسي في المنطقة.
من خلال “مطارات 2030″، يضع المغرب نفسه على خارطة النقل الجوي العالمي كلاعب رئيسي، قادر على استيعاب التغيرات المتسارعة في القطاع وتعزيز تنافسيته على المستوى الدولي. إنها خطوة جديدة نحو مستقبل مشرق يجعل من المطارات المغربية بوابات عبور عالمية، تعكس طموح المملكة في أن تكون في مصاف الدول الرائدة في مجال الطيران واللوجستيك.
فاطمة الزهراء الجلاد.