في إطار مشاركته في الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، جدد المغرب تأكيد التزامه الثابت بتعزيز حقوق الإنسان، مبرزا جهوده الإصلاحية الواسعة على المستويين الوطني والدولي. وأكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال كلمته في الجلسة رفيعة المستوى، أن المملكة ماضية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في تنفيذ إصلاحات جوهرية تهدف إلى تعزيز الحريات الأساسية وتكريس مبادئ العدالة الاجتماعية.
تعزيز التفاعل الدولي
أشار وهبي إلى الحوار التفاعلي الذي أجراه المغرب مع اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، والذي جاء في سياق فحص التقرير الأولي للمملكة حول تنفيذ الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. كما سلط الضوء على التقرير الوطني الشامل الذي قدمه المغرب بشأن مراجعة الإعلان وبرنامج عمل بيجين بعد 30 عاما من اعتماده.
وفي سياق التزامات المملكة الدولية، كشف الوزير عن استعداد المغرب لإعداد تقريره الطوعي المرحلي حول تنفيذ توصيات الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، مؤكدا التزام البلاد بالتفاعل الإيجابي مع طلبات الزيارات الصادرة عن الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، وفق رؤية متوازنة تضمن الاطلاع المستقل على واقع حقوق الإنسان بالمغرب.
مبادرات دولية بارزة
وعلى الصعيد الدولي، شدد وهبي على مبادرة المغرب، بالشراكة مع الأرجنتين وفرنسا وساموا، في إطار التصديق العالمي على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري. كما ذكر بانخراط المملكة في الجهود العالمية لمناهضة التعذيب وإدماج مفهوم الاختفاء القسري في التشريعات الوطنية.
وفي هذا الإطار، أبرز الوزير تأسيس المغرب، بالتعاون مع البرتغال والباراغواي، للشبكة الدولية للآليات الوطنية لتنفيذ وإعداد التقارير والتتبع في مجال حقوق الإنسان. وقد تم انتخاب المغرب، ممثلا بالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، منسقا لهذه الشبكة، مما يعكس ريادته في دعم الجهود الدولية لتعزيز آليات حقوق الإنسان.
إصلاحات وطنية كبرى
على المستوى الداخلي، أشار وهبي إلى إنجازات المغرب في مجال الحماية الاجتماعية، حيث بلغ عدد المستفيدين من نظام الضمان الاجتماعي 24 مليون شخص. كما أحرزت المملكة تقدما في مجالات تمكين المرأة، حماية الطفولة، تعزيز الحق في التعليم والسكن، مما ساهم في تحسين ترتيبها بثلاث درجات في مؤشر التنمية البشرية وفق تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لعام 2023/2024.
وفي سياق الإصلاحات التشريعية، سلط الوزير الضوء على مراجعة مدونة الأسرة، وهي خطوة أساسية تهدف إلى تحقيق توازن بين الهوية الوطنية والالتزامات الدولية. وكشف عن تقديم الهيئة المكلفة بالمراجعة أكثر من 100 مقترح تعديل يعزز المساواة بين الجنسين ويضمن المصلحة الفضلى للطفل.
تطورات في المجال العدلي
استعرض وهبي مشروع القانون الجديد للمسطرة الجنائية، الذي يسعى إلى ضمان عدالة أكثر إنصافا، عبر تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وحماية حقوق المتهمين، واعتماد عقوبات بديلة، وتقليل اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي. كما أشار إلى تبني المغرب موقفا جديدا إزاء عقوبة الإعدام، حيث صوت لصالح قرار أممي يدعو إلى وقف تنفيذها، مما يعكس توجه المملكة نحو تعزيز الحق في الحياة.
في ختام مداخلته، شدد وزير العدل على أن المغرب يواصل مسيرته الإصلاحية بثبات، متبنيا نهجا متوازنا يعزز حقوق الإنسان ويحقق التنمية المستدامة، بما يتماشى مع تطلعات المجتمع الدولي لتعزيز الحريات والعدالة الاجتماعية.
فاطمة الزهراء الجلاد.