ندوة بالدار البيضاء تؤكد: أخلاقيات الصحافة مسؤولية مشتركة بين الإعلام والمجتمع

في زمن تسابق فيه الأخبار الزمن وتختلط فيه الحقائق بالإشاعات، اجتمع صحافيون، أطباء، محامون، وخبراء قانونيون بفندق حياة ريجينسي، في ندوة خصصت لمناقشة أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث تداخلت وجهات النظر حول حدود الحرية، المسؤولية المهنية، والتحديات التي تواجه القطاع الإعلامي اليوم.
النقاش لم يكن تقليديًا، بل امتد إلى تأثير الصحافة على قطاعات أخرى، حيث عبر الأطباء عن مخاوفهم من التغطيات الصحية غير الدقيقة، والتي قد تنشر الهلع أو تقدم معلومات مغلوطة للمرضى. شددوا على ضرورة استشارة الخبراء قبل الخوض في القضايا الطبية، محذرين من خطورة الترويج لعلاجات غير مثبتة علميًا أو تضخيم الأوبئة دون سند علمي.
أما المحامون، فكان موقفهم واضحًا: الصحافة لها دور في كشف الحقائق، لكن لا أحد فوق القانون. تحدثوا عن قضايا انتهكت فيها خصوصية الأفراد أو أثرت على مسار العدالة بسبب التسريبات الإعلامية. بالنسبة لهم، حرية التعبير لا تعني الفوضى، بل تستوجب احترام قواعد قانونية واضحة، تحمي الصحافي من المتابعات التعسفية، لكنها تلزمه في المقابل بعدم تجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بسرية التحقيقات واحترام حقوق الأفراد.
وسط هذه الآراء المتداخلة، تدخل أساتذة الإعلام والقانون، مشيرين إلى أن التحدي اليوم ليس فقط في ضبط أخلاقيات الصحافة التقليدية، بل أيضًا في مواجهة زحف الإعلام الرقمي، حيث أصبح نشر الأخبار متاحًا للجميع، دون ضوابط واضحة أو التزام بأخلاقيات المهنة. دعوا إلى ضرورة تكوين الصحافيين لمواكبة التطورات القانونية والتكنولوجية، مؤكدين أن الميثاق الأخلاقي للصحافة لم يعد مجرد اختيار، بل ضرورة ملحة لضمان إعلام مسؤول ونزيه.
في نهاية النقاش، لم يكن هناك إجماع مطلق، لكن الجميع اتفق على نقطة واحدة: الصحافة مسؤولية قبل أن تكون مهنة، وأي انحراف عن أخلاقياتها ليس مجرد خطأ مهني، بل قد يكون كارثة مجتمعية بكل المقاييس.