مجتمع
“حياة بلا خوف”…. شعار ندوة علمية لمكافحة العنف ضد المهاجرات في إسبانيا

في سياق الجهود المتواصلة لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، شهدت العاصمة الإسبانية مدريد ندوة هامة تناولت سبل حماية النساء المهاجرات وتعزيز اندماجهن في المجتمع. وأجمع المشاركون على ضرورة تعبئة مختلف الفاعلين، من مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمع مدني، من أجل وضع حد للتمييز والعنف الذي تتعرض له هذه الفئة، وذلك عبر تبني مقاربات شاملة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات المستهدفة.
دور الجمعيات في حماية وإدماج المهاجرات
الندوة، التي نظمتها مؤسسة ابن بطوطة بشراكة مع وحدة الأسر ورعاية النساء، سلطت الضوء على الدور الحاسم للنسيج الجمعوي في حماية النساء المهاجرات وتوفير الدعم اللازم لهن. وفي هذا السياق، أكدت كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز، على أهمية العمل التشاركي بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني لضمان اندماج المهاجرات، مشيرة إلى أن التعاون مع مؤسسة ابن بطوطة ساهم في إطلاق مبادرات ناجحة لدعم النساء ضحايا العنف.
وفي مقطع فيديو عرض خلال الندوة، أكدت المسؤولة الإسبانية أن المساواة هي ركيزة أساسية لتحقيق اندماج حقيقي، محذرة من التحديات التي تواجه النساء المهاجرات، اللواتي يعانين من تمييز مزدوج، سواء بسبب جنسهن أو وضعهن كمهاجرات. كما شددت على ضرورة توفير الموارد اللازمة لتمكين هؤلاء النساء وضمان حمايتهن من جميع أشكال العنف.
التعاون المغربي الإسباني لحماية المغربيات المهاجرات
من جهته، أكد القنصل العام للمغرب في مدريد، كمال العريفي، على أهمية تعزيز التعاون بين المغرب وإسبانيا لضمان حماية المهاجرات المغربيات. وأشار إلى أن القنصلية المغربية أطلقت عدة برامج توعوية بالتنسيق مع وحدة الأسر ورعاية النساء ومؤسسة ابن بطوطة، بهدف مساعدة النساء على التعرف على حقوقهن وتوفير الدعم القانوني والاجتماعي لهن.
كما أشاد العريفي بالتقدم الذي أحرزه المغرب في مجال تمكين المرأة، مستعرضا الإصلاحات التي شهدتها المملكة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، والتي تعكس التزام المغرب بتحقيق المساواة بين الجنسين ومكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
“حياة بلا خوف”: مبادرة لدعم الضحايا
الندوة شكلت أيضا فرصة لتقديم برنامج “حياة بلا خوف” (Vida sin miedo)، الذي أطلقته مؤسسة ابن بطوطة بشراكة مع وزارة الهجرة الإسبانية وبدعم من الصندوق الاجتماعي الأوروبي. يهدف هذا البرنامج إلى توفير دعم شامل للنساء والأطفال والفتيات ضحايا العنف، من خلال تقديم مساعدة قانونية واجتماعية، بالإضافة إلى ورشات تدريبية لتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للنساء وضمان بيئة آمنة لهن ولأسرهن.
نحو استراتيجية شاملة لمكافحة العنف
أشاد المشاركون بأهمية هذه اللقاءات في تعزيز الوعي وتبادل الخبرات، حيث أكد رئيس الفرقة العملياتية لوحدة الأسر ورعاية النساء، خافيير دي بيدرو بينيادو، على ضرورة الإصغاء الجيد للضحايا، ودعمهن نفسيا وقانونيا لتمكينهن من تجاوز الصدمات وبناء مستقبل آمن.
تعكس هذه الندوة التزاما مشتركا بين مختلف الفاعلين في إسبانيا والمغرب لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ما يؤكد أن حماية النساء المهاجرات ليست مسؤولية فردية، بل قضية مجتمعية تتطلب تضامنا واسعا وتعاونا مستمرا.
فاطمة الزهراء الجلاد.