اقتصادمجتمع

علي الغنبوري: إلغاء عيد الأضحى في المغرب رؤية اقتصادية لحماية الثروة الحيوانية

✍️ فاطمة الزهراء الجلاد.
في خطوة غير مسبوقة، دعا الملك محمد السادس الشعب المغربي إلى عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، في قرار يعكس التحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجه المملكة، خاصة في القطاع الفلاحي. ويرى علي الغنبوري، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أن هذا القرار يأتي في ظل تراجع حاد في القطيع الوطني، بفعل الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، ما يجعل الحفاظ على الثروة الحيوانية أولوية استراتيجية لضمان استدامتها.
السياق الاقتصادي وأسباب القرار
يشير الغنبوري في مقال له توصلت جريدة Le 7 TV بنسخة منه، إلى أن عيد الأضحى في المغرب يمثل سوقا موسميا حيويا يعتمد عليه آلاف المربين والتجار. ومع ذلك، فإن الأرقام الرسمية تظهر تراجع القطيع الوطني بنسبة 38% منذ عام 2016، وفقا لوزير الفلاحة، وهو ما يعكس تأثير الجفاف المستمر وارتفاع تكاليف الأعلاف، إلى جانب تداعيات التغيرات المناخية.
ويضيف الخبير الاقتصادي، أن القرار الملكي يهدف إلى حماية ما تبقى من القطيع وضمان استدامة القطاع الفلاحي، الذي يعد عنصرا رئيسيا في تحقيق الأمن الغذائي. فمع انخفاض إنتاج اللحوم من 230 ألف رأس معدة للذبح سنويا إلى 150 ألفا، يصبح الحفاظ على القطيع أمرا بالغ الأهمية لتجنب أزمة غذائية في المستقبل.
التبعات الاقتصادية والتحديات الاجتماعية
يشير الغنبوري في مقاله، إلى أن إلغاء العيد قد يحدث صدمة اقتصادية فورية، إذ يعتبر موسم الأضاحي مورد رزق رئيسي للعديد من الأسر في المجال القروي، لا سيما الفلاحين والتجار والجزارين. فالسوق المرتبطة بالعيد تحرك مليارات الدراهم سنويا، وإلغاء الشعيرة قد يؤدي إلى فقدان هذا الدخل، ما يفاقم من الضغوط المعيشية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة الموسمية.
كما يوضح أن الأسواق غير المهيكلة، مثل الباعة الموسميين والوسطاء، قد تواجه ركودا كبيرا، مما يخلق تحديات إضافية في المشهد الاقتصادي. ورغم إمكانية اللجوء إلى استيراد المواشي كما حدث مع الأغنام الأسترالية، فإن هذا الحل يظل مكلفا ولا يعوض خسائر الفلاحين المحليين.
انعكاسات القرار على القدرة الشرائية
يؤكد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أن أسعار الأضاحي شهدت ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث بلغ متوسط سعر الأضحية نحو 4000 درهم في 2024، مقارنة بـ 3000 درهم في 2023، متجاوزا معدل التضخم بعشرة أضعاف. وبالتالي، فإن إلغاء العيد قد يخفف الضغط المالي على الأسر ذات الدخل المحدود، التي تجد نفسها سنويا أمام تحدي تأمين ثمن الأضحية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ما المطلوب لضمان نجاح القرار؟
يرى الغنبوري أن نجاح هذه الخطوة مرهون بمدى قدرة الحكومة على مرافقة القرار الملكي بسياسات داعمة للفلاحين والمربين، عبر:
– تقديم دعم مباشر لتعويض الخسائر لصغار الفلاحين الذين يعتمدون على العيد كمصدر رئيسي للدخل.
– تمويل الأعلاف بأسعار مدعمة للحد من تكاليف الإنتاج وضمان استمرارية تربية الماشية.
– تعزيز برامج الرعاية البيطرية لحماية القطيع الوطني من الأمراض وتحسين إنتاجيته.
– توفير بدائل اقتصادية للفلاحين المتضررين من خلال تشجيع المشاريع الزراعية المستدامة.
بين التحديات والمكاسب المستقبلية
يوضح الخبير الاقتصادي، أن القرار يحمل بعدين متناقضين: فمن جهة، قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية آنية للفلاحين والمربين والتجار الذين يعتمدون على موسم الأضاحي لتحقيق أرباح سنوية، مما قد يزيد من الأوضاع المعيشية الصعبة في العالم القروي. ومن جهة أخرى، فإن الحفاظ على القطيع المتبقي قد يساهم في استقرار أسعار اللحوم وتعزيز الأمن الغذائي على المدى الطويل.
وفي ختام تحليله أكد الغنبوري، على أن نجاح هذا التوجه يعتمد على تحقيق توازن دقيق بين الخسائر الفورية والمكاسب المستقبلية، مع ضرورة تدخل حكومي فعال لضمان عدم تفاقم معاناة الفلاحين، بل وتحويل الأزمة إلى فرصة لإعادة هيكلة القطاع الفلاحي على أسس أكثر استدامة.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close