مجتمع

البيضاء على طاولة القرار..دورة استثنائية بملفات ساخنة

عاشت قاعة الاجتماعات بمجلس جماعة الدار البيضاء على إيقاع دورة استثنائية مثقلة بالملفات الكبرى، حيث اجتمع المنتخبون لمناقشة قضايا مالية وعمرانية واجتماعية من شأنها رسم ملامح مستقبل العاصمة الاقتصادية. النقاشات التي شهدتها الجلسة كشفت عن حجم التحديات التي تواجه المدينة، خاصة في ظل محدودية الموارد المالية واتساع رقعة الإكراهات التي تعيق تنزيل المشاريع الكبرى.

في بداية الجلسة، كان الملف المالي في قلب النقاش، حيث تم تقديم حصيلة تنفيذ ميزانية 2024، مع استعراض أرقام الفائض الحقيقي والموارد غير المستغلة من السنة الماضية. الأرقام التي قدمت لم تكن كافية لإقناع الجميع، حيث أثيرت تساؤلات حول مدى نجاعة التدبير المالي، وما إذا كانت المدينة قادرة فعلًا على تحقيق توازن بين النفقات المتزايدة والموارد المتاحة. في المقابل، رأى البعض أن برمجة الفائض في مشاريع ذات أولوية يمثل خطوة ضرورية لضمان استمرار الخدمات الأساسية، رغم أن الحلول المالية المتاحة لا تزال محدودة.

الملف العمراني بدوره كان حاضرًا بقوة، حيث تم التطرق لمشروع تصميم التهيئة لمقاطعات سيدي البرنوصي والفداء ومرس السلطان، وهي مناطق تعرف تحولات عمرانية متسارعة تتطلب قرارات حاسمة بشأن تخطيطها المستقبلي. غير أن هذا النقاش لم يكن مجرد استعراض للخطط، بل شهد جدلًا حول مدى قدرة هذه المشاريع على تحقيق تنمية متوازنة، خاصة في ظل الضغط الكبير الذي تعاني منه البنية التحتية للمدينة.

في السياق نفسه، نوقش مشروع تخطيط حدود طريق التهيئة المرتبط بمحور طرقي جديد سيربط الدار البيضاء بالمحمدية عبر المدينة البيئية زناتة. المشروع الذي يفترض أن يسهم في فك الاختناق المروري وخلق دينامية اقتصادية جديدة، أثار تساؤلات حول تداعياته العقارية والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بملف نزع الملكية والتعويضات المحتملة للسكان المتضررين.

إلى جانب المشاريع الكبرى، لم تغب القضايا الاجتماعية عن طاولة النقاش، حيث تمت مناقشة قرار تفويت شقق سكنية بالمجان لأرامل وذوي حقوق شهداء القوات المسلحة الملكية. القرار الذي يحمل بعدًا إنسانيًا مهمًا، أعاد الجدل حول تدبير العقارات الجماعية، وضرورة وضع سياسة إسكان متكاملة تستجيب لحاجيات الفئات الهشة بدل الاكتفاء بحلول ظرفية.

وفيما يتعلق بالشراكات، تمت المصادقة على اتفاقيات تهدف لتعزيز الخدمات الاجتماعية، من بينها اتفاقية دعم المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، والتي تأتي في إطار جهود تحسين ظروف الفئات ذات الاحتياجات الخاصة. كما تمت المصادقة على اتفاقية شراكة مع جمعية لحماية الحيوانات والبيئة، في خطوة تعكس اهتمام الجماعة بالقضايا البيئية، رغم أن بعض المستشارين اعتبروا أن الأولويات يجب أن تركز أكثر على المشاكل الحضرية الكبرى بدل المبادرات الرمزية.

على هامش الدورة، برزت نقاشات حول الإكراهات التي تعرقل تنزيل العديد من المشاريع، من بينها إشكالية بطء المساطر الإدارية، وضعف التنسيق بين الجماعة والمؤسسات الأخرى، فضلًا عن معضلة التمويل التي تجعل العديد من المشاريع معلقة إلى أجل غير مسمى. كل هذه التحديات تجعل من الدورة الاستثنائية مجرد محطة في مسار طويل، حيث يبقى الرهان الأساسي هو إيجاد حلول واقعية توازن بين الطموح والإمكانات المتاحة.

في ختام الجلسة، خرج المجتمعون بأسئلة أكثر من الأجوبة، فهل تستطيع الدار البيضاء تجاوز هذه العقبات ووضع أسس حقيقية لتنمية مستدامة؟ أم أن القرارات المتخذة ستظل رهينة لإكراهات الواقع، لتُضاف إلى قائمة الوعود المؤجلة؟ وحدها الأيام القادمة ستحمل الإجابة.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close