سياسة

القدس في القلب.. المغرب يرسم ملامح شراكة ثقافية تحفظ ذاكرة المدينة المقدسة

في مدينة تتنفس التاريخ وتحكي حكايات الصمود، حيث تمتزج شوارعها بأصوات الأذان وأجراس الكنائس، وحيث تروي جدرانها قصص الأجداد، تضاف صفحة جديدة إلى سجل العلاقات العريقة بين المغرب وفلسطين. لم يكن اللقاء الذي جمع نخبة من المثقفين والمسؤولين في رام الله مجرد اجتماع رسمي، بل كان امتدادًا لجسور الثقافة والذاكرة التي لم تنقطع بين الضفتين، حيث وُقعت اتفاقية شراكة بين وكالة بيت مال القدس الشريف ووزارة الثقافة الفلسطينية والمكتبة الوطنية الفلسطينية، تهدف إلى صون التراث المقدسي وحماية الأرشيف التاريخي للمدينة التي تسكن وجدان المغاربة منذ قرون.

لم يكن الحضور المغربي في فلسطين يومًا عابرًا، بل هو جزء من نسيج القدس، محفور في أزقتها وأوقافها ووثائقها التاريخية. ومن قلب هذه العلاقة، جاءت هذه الاتفاقية لتعزيز الصناعات الثقافية، ودعم الأنشطة الإبداعية، وحماية الوثائق التي تشهد على عراقة القدس، في ظل محاولات طمس هويتها. خطوة تعكس التزام المغرب التاريخي بالقضية الفلسطينية، ليس فقط في الأروقة السياسية، بل في عمقها الثقافي والحضاري.

هذه المبادرة لا تمثل سوى امتداد لسجل طويل من الحضور المغربي في القدس، حضورٌ تشهد عليه الربعة المغربية، والمصحف المخطوط بيد السلطان أبو الحسن المريني، الذي لا يزال محفوظًا في المتحف الإسلامي بساحة المسجد الأقصى. ولم يكن المغرب يومًا بعيدًا عن المشهد المقدسي، بل كان جزءًا من نسيجه، وهو ما تؤكده المشاريع الثقافية والفنية التي تدعمها وكالة بيت مال القدس، من تأهيل مركز يبوس الثقافي، إلى تمويل معارض الفن والأدب، وإحياء الفعاليات التراثية التي تحافظ على روح القدس في وجه التحديات.

في هذا السياق، قال محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس، خلال اللقاء: “نحن لا نوثق التاريخ فحسب، بل نصونه من النسيان، ونحميه من المحو، لأن القدس ليست مجرد مدينة، بل ذاكرة أمة بأكملها.” ومن هنا، تأتي هذه الاتفاقية كخطوة أخرى في مسار طويل من الدعم الثقافي المغربي لفلسطين، في رسالة واضحة بأن الهوية المقدسية ستظل حيّة، محمية بالثقافة، ومحصّنة بالتاريخ.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close