حين تتشابك الأيدي ضد الظلام: المغرب وفرنسا في معركة القانون ضد الإرهاب والجريمة

الاجتماع الذي جمع وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي بنظيره الفرنسي جيرالد دارمانان لم يكن مجرد لقاء رسمي بقدر ما كان إعلانًا واضحًا بأن البلدين يعيدان رسم حدود المواجهة مع الإرهاب والجريمة المنظمة. ففي زمن أصبح فيه المجرمون أكثر تنظيمًا، والإرهاب أكثر تعقيدًا، لا مجال للعمل المنفرد. القانون لم يعد ورقة جامدة في دفاتر التشريعات، بل صار سلاحًا ديناميكيًا يتطلب تحديثًا مستمرًا، وهو ما تسعى إليه الرباط وباريس من خلال هذه الشراكة المتجددة.
التعاون بين المغرب وفرنسا ليس جديدًا، لكنه يتطور وفقًا لتحديات اللحظة. من تبادل المعلومات إلى تكوين القضاة ورجال الأمن، وصولًا إلى تحديث التشريعات، تتخذ هذه الشراكة أبعادًا عملية تتجاوز البيانات الرسمية. فالإرهاب لم يعد يعتمد على الأسلحة فقط، بل أصبح يستخدم التكنولوجيا، الشبكات السرية، والتلاعب القانوني، وهو ما يجعل المواجهة تحتاج إلى مقاربة أكثر ذكاءً وتكاملًا.
بعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، فإن هذه الاتفاقية تعكس تحوّلًا في فهم العدالة نفسها. لم تعد المسألة مجرد مطاردة للمجرمين، بل استباق للأحداث، تفكيك للبنى التحتية للجريمة، وتعزيز لجدار قانوني يمنع تسلل الفوضى. هذا هو التحدي الحقيقي: أن يصبح القانون أكثر سرعة ومرونة من أولئك الذين يحاولون اختراقه.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل يكفي هذا التعاون لضمان أمن مستدام؟ الواقع يقول إن الحرب ضد الإرهاب والجريمة المنظمة لا تُحسم في اجتماع أو اتفاقية، بل تحتاج إلى التزام طويل الأمد، ورؤية لا تقتصر على رد الفعل، بل تمتد إلى الوقاية، الإصلاح، والتحديث المستمر. المغرب وفرنسا يدركان ذلك جيدًا، ومن هنا تأتي أهمية هذه الخطوة التي قد تكون بداية لفصل جديد من التعاون الأمني والقضائي في زمن التحديات المتسارعة.