رياضة

نهضة بركان .. رحلة بطل ولد من رحم المعاناة إلى اعتلاء عرش الكرة المغربية. 

كانت ليلة 15 من مارس 2025 لحظة تاريخية و أمسية لن تنسى مهما طال الزمان ، ليلة اهتزت معها مدينة بركان فرحا و بهجة بتتويج فريقها بطلا للدوري المغربي لأول مرة في تاريخه بعد انتظار دام ل87 سنة.

 

نهضة بركان سار على منوال اسمه و حقق “نهضة ” كروية على جميع الأصعدة ، فتتويجه لم يكن وليد اليوم ولا محظ الصدفة بل نتيجة لعمل دؤوب و مستمر لسنوات خلت ، فمنذ صعوده إلى قسم الأضواء موسم 2012/2013، أسس لبنات صلبة للنجاح بقيادة شخص خدوم و متفان ، ضحى بالغالي و النفيس في سبيل إسعاد أبناء منطقته ، و تكوين فريق يهابه الكبير قبل الصغير .

 

مشروع رياضي متكامل الأضلاع ، فرض نفسه بشدة داخل المنظومة الكروية ببلادنا ، و أصبح واحدا من الأندية الكبيرة التي يضرب لها ألف حساب داخل المغرب و خارجه ، بلغ صيته أقصى بقاع القارة ، و توج عن جدارة ، ناقشا اسمه بأحرف من ذهب في سجلات أبطال المغرب .

 

اليوم يتربع النهضة على عرش الكرة المغربية ، لكنه حصد قبلها الاخضر و اليابس بتتويجه ب7 ألقاب في ظرف لا يتعدى الثمان سنوات ، 3 كؤوس للعرش ، لقبين لكأس الكونفدرالية الإفريقية ، لقب لكأس السوبر الإفريقي ، و أخيرا اللقب الأغلى درع الدوري المغربي .

 

و الأكيد ان شهية البراكنة لن تقف عند هذا الحد ، فطموح مكونات النادي و جماهيره الشغوفة ستزداد مع الوقت ، فالهدف القادم هو السيطرة قاريا على أم الكؤوس و هي التتويج بلقب دوري أبطال افريقيا ، و هو طموح مشروع و قريب المدى بالنظر لحكامة التسيير و حسن التدبير و النظرة الثاقبة لجل مكونات الفريق و أولهم “العراب ” فوزي القجع.

 

و بالعودة إلى تتويج الفريق البرتقالي بلقب الدوري ، فقد شهدت بطولة هذا الموسم اكتساحا مطلقا لرفقاء العميد إيسوفو دايو ، فالبراكنة روضوا جل فرق الدوري ، فقطار بركان السريع لم يرحم كبار القوم بالمغرب ، حيث أسقط الوداد و الرجاء بمعقلهما و تجاوز الجيش الملكي ، فلم يقو الماص على مجابهة بركان ثائر استمد قوته من صلابة و “كاريزما” مدربه التونسي معين الشعباني ، هذا الأخير و رغم انتقادات الموسم الماضي عقب خسارته لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية أمام الزمالك ، وجد دعما لامشروطا من إدارة النادي برئاسة الشاب حكيم بن عبد الله ، و استقرارا تقنيا مع تطعيمات بلاعبين في المستوى بأماكن الخصاص و النتيجة كانت مثالية بل حثمية بالتتويج بأغلى الألقاب.

 

البرتقالي حسم الأمور في شهر مارس و ب60 نقطة ، موسعا الهوة مع أقرب ملاحقيه الجيش الملكي إلى 15 نقطة ، إنجاز تاريخي يوضح  بالملموس حجم الفوارق و فرق الإمكانيات ، و تأكيدا على سيطرة و جبروت ملوك الشرق على بطولة هذا الموسم ، بل و قد يتعدى الأمر ذلك إلى تحطيمهم لرقم الرجاء القياسي ب72 نقطة الموسم الفارط مع تبقي 5 جولات على ختام منافسات البطولة الوطنية.

 

استقى البراكنة قوتهم من شخص انتشل الفريق من أقسام الهواة ، فملاعب “الحمري” لازالت شاهدة على كفاح و تضحية أبناء المنطقة ، حيث تسلق الفريق البرتقالي الدرجات في صمت الى ان وصل إلى قسم الصفوة بفضل رؤية حكيمة و تضحيات لا مثيل لها من الرجل الأول بالمنطقة فوزي لقجع .

 

عمل الرجل في صمت و من دون بهرجة إلى أن وجد الفريق ظالته و أضحى يستقطب نجوم الدوري المغربي و أجانب من أعلى الطراز ، حيث أصبح الملعب البلدي لبركان مقبرة لجل الفرق الداخل إليها مفقود و الخارج منها مولود ، تعالت مطالب ساكنة بركان و النواحي بتكوين فريق في المستوى يجابه القوى التقليدية للبطولة الوطنية ، ليتعداه الأمر إلى تكوين بعبع يهابه الجميع.

 

و بالموازاة مع ذلك ، استطاع فوزي لقجع تهيئة أرضية خصبة لتكوين الشباب بإنشائه لأكاديمية من الطراز العالمي ،أضحت مشتلا لتفريخ نجوم المستقبل و ملاذا لأبناء المنطقة و خارجها بغرض تطوير إمكانياتهم التقنية و البدنية بحثا عن موطئ قدم بالفريق الأول في يوم من الأيام.

 

مشروع النهضة البركانية هو مثال ناجح لحسن التدبير و حكامة التسيير لجل فرق المغرب  ، و الأكيد فسفينة “RSB ” لن تتوقف عند هذا الحد ، فالهدف هو ضمان الإستمرارية و التتويج بالمزيد من الألقاب و البداية بالأميرة السمراء الموسم المقبل، فالفريق يمتلك ما يكفي من الخبرة ، التجربة و الحكمة للظفر بأغلى الكؤوس و التواجد بالمونديال القادم سنة 2029 كممثل ثاني للمملكة بعد الوداد الرياضي هذا الصيف .

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close