سياسةمجتمع

رشيد نكاز.. من صانع الجدل إلى أسير تناقضاته

في قلب مراكش، وتحديدًا أمام صرح الكتبية العريق، وقف رشيد نكاز بكاميرته، مستعرضًا حكاية كتبها على مقاسه. لم تمر سوى ساعات قليلة حتى وجد نفسه موقوفًا من قبل السلطات المغربية، بعد نشره مقطع فيديو اعتُبر تحريضًا صريحًا على الوحدة الترابية للمملكة.
في خطابه، لم يكن هناك شيء من نضالاته القديمة ضد الاستبداد، ولا أثر لذلك الصوت الذي واجه نظام بوتفليقة بشجاعة ذات يوم.
بدلًا من ذلك، كانت هناك نبرة جديدة، نبرة شخص يوزع الاتهامات بالمجان، ويعيد تدوير خطابات فقدت صلاحيتها منذ عقود، زاعمًا أن تحرير المغرب لأراضيه “احتلال” وأن معالمه التاريخية ليست مغربية.

ما قاله في ذلك الفيديو لم يكن سوى محاولة خاسرة لإثارة الجدل، لكنه لم يدرك أن اللعب في منطقة محظورة له عواقبه. المغرب ليس حلبة للمزايدات، وقضاياه ليست مادة لمن يبحث عن بقعة ضوء في زمن عزّ فيه الاهتمام. حين تتجاوز حدود الاحترام، فإن الرد لا يكون بالنقاش الطويل، بل بإجراءات حازمة لا تفسح مجالًا للمراوغة.

التوقيف لم يكن مفاجئًا، بل كان النتيجة الطبيعية لمن قرر اختبار صبر بلد لا يقبل التشكيك في وحدته الترابية. ربما ظن نكاز أن بإمكانه استنساخ تجارب الماضي، أو أن التاريخ يعيد نفسه مع تغيير في الأدوار. لكنه اكتشف متأخرًا أن بعض المغامرات لا يمكن خوضها دون ثمن.

لطالما كانت السياسة ملعبًا مفتوحًا للمواقف المتغيرة، لكن أن يتحول المعارض إلى بوق لخطاب مشوش، فتلك قصة أخرى. رشيد نكاز لم يكن أول من سار في هذا الطريق، لكنه بلا شك بات نموذجًا جديدًا لمن اختاروا الانجراف في دوامة التناقضات.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close