المغرب يرسّخ ريادته الرقمية في إفريقيا عبر الذكاء الاصطناعي

يواصل المغرب تعزيز مكانته كمركز رقمي رائد في القارة الإفريقية، من خلال مقاربته المتكاملة التي تجمع بين التطور التكنولوجي والاستقرار السياسي. في سياق هذا الطموح، يستعد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، لرئاسة اجتماع وزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على السلام والأمن والحكامة في القارة. هذه المبادرة تأتي استكمالًا للدور الذي يلعبه المغرب في وضع أسس الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، كما تأكد من خلال تبني الأمم المتحدة، سنة 2024، لقرار حول الذكاء الاصطناعي بمبادرة مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة.
تسعى الدول الإفريقية إلى الاستفادة من الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي في مجالات التنمية والأمن، في وقت تواجه فيه تحديات متزايدة مثل الجرائم الإلكترونية والتضليل الإعلامي والاختراقات السيبرانية. المغرب، بفضل استراتيجيته الرقمية، يسير بخطى ثابتة نحو تحويل هذه التحديات إلى فرص. فقد سجل تقدمًا ملموسًا على مستوى الرقمنة، إذ ارتقى 11 مرتبة في مؤشر الرقمنة العالمي سنة 2024، ويطمح إلى أن يصبح ضمن الدول الإفريقية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أصبح خيارًا استراتيجيًا للمغرب، من خلال برامج أكاديمية متخصصة، وتشجيع ريادة الأعمال الرقمية، وإطلاق مشاريع المدن الذكية، وإنشاء بنية تحتية متطورة. مراكز مثل “AI Movement” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات أصبحت نموذجًا لمكانة المغرب كقاعدة للبحث والتطوير في المجال الرقمي، ما يعزز جاذبيته كوجهة للابتكار التكنولوجي في إفريقيا.
لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على التنمية الاقتصادية، بل يمتد ليشمل دعم الاستقرار السياسي والأمني في القارة. المغرب يراهن على توظيف هذه التكنولوجيا لتعزيز الحوكمة الرقمية، وتحسين آليات الإنذار المبكر لمواجهة الأزمات، وتطوير التعاون الاستخباراتي بين الدول الإفريقية لمكافحة التهديدات الأمنية.
قيادة المغرب لهذا الاجتماع الوزاري تعكس رؤيته الشاملة، التي تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز السلام والأمن، وليس مجرد تقنية للاستهلاك. في ظل هذه الدينامية، يرسّخ المغرب موقعه كجسر بين التكنولوجيا والاستقرار في إفريقيا، ليصبح قطبًا رقميًا قارّيًا قادرًا على توجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي نحو خدمة التنمية المستدامة والسلام الإقليمي.