اقتصاد

المغرب: صعود اقتصادي يعيد رسم ملامح التجارة العالمية

على مدى الخمس والعشرين سنة الماضية، شهد المغرب تحولات اقتصادية جذرية جعلته واحدا من اللاعبين الرئيسيين في المشهد التجاري العالمي. فمن خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية والصناعة، استطاع أن يعزز موقعه الاستراتيجي، ويجذب الاستثمارات الأجنبية، مما أهله ليصبح مركزا اقتصاديا واعدا في المنطقة. جاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة الاقتصادية الإسبانية “El Mundo Financiero” حيت سلط الضوء على التحولات العميقة التي شهدها المغرب، والتي مكنت المملكة من تعزيز مكانتها الاقتصادية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، لتصبح بذلك فاعلا رئيسيا في الديناميكية التجارية العالمية.
البنية التحتية: رافعة أساسية للنمو
وفقا للتقرير، اعتمد المغرب منذ مطلع القرن الحادي والعشرين سياسة استثمارية طموحة استهدفت تحديث بنيته التحتية بشكل شامل. وقد ركزت هذه الاستثمارات على تطوير الموانئ والطرق السريعة والسكك الحديدية، ليس فقط لتحسين البنية العمرانية، بل لجعلها ركيزة أساسية لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية التجارية.
ويبرز ميناء طنجة المتوسط كأحد أبرز إنجازات هذه الرؤية، حيث حقق في عام 2024 رقما قياسيا بمعالجة 10.24 مليون حاوية، مسجلا نموا بنسبة 19% مقارنة بالعام السابق. وقد دفع هذا الأداء اللافت بشركات عالمية، مثل “مايرسك” الدنماركية، إلى توسيع عملياتها بالميناء، واعتباره نقطة محورية على الخط التجاري بين الهند والولايات المتحدة.
اتفاقيات وشراكات استراتيجية
وأشار تقرير الصحيفة الإسبانية إلى أن التوسع في البنية التحتية ترافق مع تعزيز المغرب لموقعه الاستراتيجي عبر إبرام اتفاقيات للتبادل الحر مع كل من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين، ودول إفريقيا جنوب الصحراء. هذه الشراكات مكنت المغرب من الاستفادة من تدفقات تجارية متزايدة، ورسخته كمركز تجاري وجسر اقتصادي بين القارات.
وبالتوازي مع ذلك، تعمل المملكة على تطوير تسعة موانئ جديدة على السواحل المتوسطية والأطلسية، من بينها ميناء الداخلة الجديد، المتوقع استكماله بحلول عام 2029. ووفقا للتقرير، فإن هذا المشروع سيكون محورا رئيسيا في مبادرة الأطلسي، التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز التكامل الاقتصادي لدول منطقة الساحل داخل الشبكات التجارية العالمية.
الصناعة: قاطرة النمو الاقتصادي
لم يقتصر التطور المغربي على البنية التحتية، بل امتد ليشمل القطاع الصناعي، الذي شهد نموا ملحوظا، خاصة في مجال صناعة السيارات، حيث بات يشكل 22% من الناتج المحلي الإجمالي. وأشار التقرير إلى أن هذا التوسع الصناعي جاء مدعوما بتطوير الشبكة السككية، في إطار رؤية تهدف إلى تحقيق تكامل بين قطاعات النقل والتجارة والصناعة.
وخلص تقرير “El Mundo Financiero” إلى أن المغرب أصبح نموذجا اقتصاديا متكاملا، يجمع بين بنية تحتية متطورة، واتفاقيات تجارية دولية، ونهج صناعي طموح. هذه العوامل جعلته ليس فقط بوابة لأفريقيا، بل مركزا اقتصاديا عالميا صاعدا، قادرا على جذب الاستثمارات، وتعزيز موقعه كقوة اقتصادية إقليمية.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close