غير مصنف

عبد العلي حامي الدين: ضرورة توطين العلوم القانونية والاجتماعية لتعزيز الاستقلال المعرفي

في سياق النقاش حول علاقة المعرفة بالواقع الاجتماعي والثقافي، شدد عبد العلي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، على أهمية توطين المناهج العلمية وربطها بالسياق المحلي، محذرا من مخاطر التبعية الفكرية والمعرفية، خصوصا في مجالات القانون والعلوم الاجتماعية.
العلم القانوني بين الضبط الاجتماعي وتحليل الظواهر
جاء ذلك خلال محاضرة فكرية نظمتها مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، يوم الجمعة 21 مارس 2025، تحت عنوان “الدين والقانون والمجتمع”. وأكد حامي الدين أن علم القانون، كسائر العلوم الإنسانية، لا ينبغي أن يكون أداة خاضعة فقط لهواجس السلطة المرتبطة بالضبط وفرض النظام، بل يجب أن يرتكز على دراسة القضايا الاجتماعية وتحليل الظواهر المجتمعية لضمان تأثيره في الواقع وتحقيق العدالة القانونية والاجتماعية.
وأشار إلى أن الاكتفاء باستيراد النظريات الجاهزة لا يحقق تقدما علميا حقيقيا، بل يتطلب تطوير مناهج بحثية أصيلة تراعي خصوصيات المجتمعات العربية والإسلامية، موضحا أن العلوم القانونية والاجتماعية ليست منعزلة عن سياقاتها، بل ينبغي أن تتفاعل مع الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية لضمان فاعليتها.
الفقه الإسلامي كإطار مرن لفهم القانون
وفي حديثه عن الفقه الإسلامي، أوضح حامي الدين أن القواعد القانونية الإسلامية كانت دائما مستمدة من الواقع الاجتماعي، مما منحها مرونة تجاوزت قيود الزمان والمكان. وأكد أن العودة إلى علم أصول الفقه لا تعني الانغلاق على الماضي، بل تهدف إلى الاستفادة من منجزاته لإنتاج نموذج معرفي حديث يواكب التحديات الراهنة.
وشدد على أن توطين المناهج العلمية لا يعني القطيعة مع المعرفة الغربية، بل يتطلب تبني نهج يقوم على الفهم والاستيعاب والنقد والتطوير، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية، مشيرا إلى أن الاستقلال العلمي لا يتحقق إلا عبر التفاعل النقدي مع مختلف المدارس الفكرية العالمية.
تعريب العلوم وتطوير النماذج المعرفية
وركز حامي الدين على محورين أساسيين لتحقيق الاستقلال العلمي وهما:
أولا؛ تعريب العلوم لضمان تعليم أكثر فاعلية وتعزيز التفكير النقدي والعلمي، بحيث يكون للطلاب والباحثين القدرة على إنتاج معرفة تتماشى مع واقعهم.
ثانيا؛ تطوير النماذج المعرفية العربية الأصيلة، مثل أصول الفقه، باعتباره إطارا منهجيا متكاملا لفهم الواقع وتفسيره بطريقة علمية تأخذ في الاعتبار الخصوصيات الثقافية.
وختم مداخلته بالتأكيد على أن تحديث البحث العلمي يجب أن يشمل الجوانب النظرية والتطبيقية معا، حتى لا يتحول العلم إلى مجرد أداة لخدمة السوق، بل يكون وسيلة لإنتاج معرفة حقيقية تسهم في بناء مجتمعات مستقلة فكريا وحضاريا.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close