سياسة

إفطار رمضان العلني: معركة وهبي المصيرية !

يبدو أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، قرر أن يترك بصمته الخالدة في سجل الإصلاحات الكبرى، لكن ليس بمحاربة الفساد أو تسريع البتّ في القضايا العالقة، بل بشنّ حرب ضروس على… تجريم الإفطار العلني في رمضان! فمن ذا الذي يحتاج إلى مستشفيات محترمة، وتعليم في المستوى، وقضاء نزيه، ما دام وهبي يحمل لواء “تحرير البطون”؟

الوزير، الذي اكتشف فجأةً أن الدولة ليست “شرطة أخلاق”، قرر أن يسألنا سؤالًا وجوديًا: هل يصوم المغاربة لله أم خوفًا من رد فعل شخص مستفَز؟ سؤال عميق لدرجة أن نيوتن لو كان حيًا لأسقط عليه تفاحة الحكمة بدلًا من قانون الجاذبية. لكن مهلاً، هل ينطبق هذا المنطق على قوانين أخرى؟ هل سنلغي قوانين السرقة لأن “من حقك أن تمتلك أو لا تمتلك”؟ أم أن الوزير يختار معاركه بعناية فائقة، حيث البطون الفارغة أولى بالتحرير من العقول المشلولة بالجهل؟

ولأننا شعب متخلّف لم يبلغ بعد مستوى التحضر السويدي، يبدو أن وهبي قرر أن يُشعرنا بالعار أمام الأمم المتقدمة التي لا تجرّم “الحق في شرب القهوة نهار رمضان”. فلتسقط كل الأولويات، ولنجعل حرية “البطن” أساس الإصلاح الديمقراطي. ويا حبذا لو أن البرلمان يعقد جلسة طارئة لمناقشة مسألة أخرى مصيرية: هل يحق للقطط الإفطار علنًا أم يجب عليها الاختباء مثل بقية الشعب؟

لكن فلنكن منصفين. ربما الوزير لديه نظرية جديدة: كلما زادت الحريات الفردية، قلّت المشاكل الاقتصادية، وازدهر الاستثمار، وتحولت الدار البيضاء إلى طوكيو. ربما لم نلاحظ بعد العلاقة بين الإفطار العلني وانخفاض معدل البطالة، ولكن وهبي، بعبقريته الفذّة، ربط الخيوط المقطعة ليكشف لنا الحقيقة المخفية!

وإذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى “تحرير المواطن”، فماذا عن حقه في الحصول على خدمات إدارية لا تتطلب منه شهادة ميلاد تعود إلى العصور الوسطى؟ أو حقه في العيش في مدينة لا تغرق مع أول زخة مطر؟ أم أن الإفطار العلني هو المفتاح السحري لحل كل مشاكلنا المتراكمة منذ الاستقلال؟

في الواقع، يبدو أن معركة “حرية الإفطار” ستدخل كتب التاريخ مثل معركة “ووترلو”، وسيُخلَّد اسم وهبي إلى جانب رموز الإصلاح العظام. سنحكي للأجيال القادمة عن الوزير الذي أنقذ الأمة من كابوس الصيام الإجباري، بينما لا يزال المواطن البسيط يبحث عن “حرية المعيشة” بدلًا من “حرية الإفطار”.

لكن لا داعي للقلق، فبفضل هذه الخطوة التاريخية، قد نصل يومًا ما إلى مرحلة نصبح فيها أحرارًا في الإفطار، أحرارًا في التعبير، وأحرارًا في انتظار دورنا في المستشفى… حتى الموت.

بقلم هشام البورقي

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close