
في ظل التحولات الاقتصادية والصناعية المتسارعة، تواجه صناعة السيارات الإسبانية تحديا حقيقيا من قبل المغرب وتركيا، اللذين يشهدان نموا لافتا في هذا القطاع. هذا التحول يهدد مكانة إسبانيا العالمية في التصنيع، مع تراجع ترتيبها بين الدول الرائدة في إنتاج السيارات.
المغرب: صعود متسارع في قطاع السيارات
يبرز المغرب كأكبر منتج للسيارات في إفريقيا، مستفيدا من موقعه الاستراتيجي وسياساته الجاذبة للاستثمارات الكبرى. وفقا لتقارير إعلامية إسبانية، فإن إنتاج السيارات في المملكة ينمو بنسبة تفوق 12% سنويا، متجاوزا 500 ألف وحدة سنويا، مما يجعله من أكثر الأسواق الناشئة جذبا لشركات السيارات العالمية.
عوامل عدة تساهم في هذا النجاح، أبرزها انخفاض تكاليف اليد العاملة مقارنة بالدول الأوروبية، وتوافر بنية تحتية صناعية متطورة تشمل مناطق صناعية حديثة وموانئ مجهزة. إلى جانب ذلك، تقدم الحكومة المغربية حوافز استثمارية مغرية، تتضمن إعفاءات ضريبية ودعما للبحث والتطوير، إضافة إلى تكامل صناعي محلي يعزز من كفاءة الإنتاج.
تراجع القدرة التنافسية الإسبانية
تجسد هذا التحول في قرار مجموعة “ستيلانتيس” نقل إنتاج الجيل الجديد من طراز “سيتروين C4” من مصنعها في مدريد إلى مصنع القنيطرة في المغرب، ما يعكس التراجع النسبي للقدرة التنافسية الإسبانية أمام الأسواق الناشئة.
وإسبانيا، التي كانت تاريخيا لاعبا رئيسيا في صناعة السيارات، بدأت تشعر بضغط المنافسة. فخلال عام 2024، تراجع ترتيبها العالمي في إنتاج السيارات من المرتبة الثامنة إلى التاسعة، ومع توقعات بانخفاض إضافي بنسبة 15% هذا العام، يبدو أن جاذبيتها الاستثمارية تتراجع لصالح المغرب وتركيا.
التحول نحو السيارات الكهربائية وتأثيره
من بين التحديات التي تواجه الصناعة الإسبانية، التحول إلى السيارات الكهربائية، والذي يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل المصانع التقليدية. في المقابل، تتمتع دول مثل المغرب بتكاليف إنتاج أقل وتشريعات بيئية أقل صرامة، ما يمنحها ميزة تنافسية إضافية لجذب المستثمرين.
مستقبل التصنيع: هل يصبح المغرب مركزا عالميا؟
مع استمرار تدفق الاستثمارات في قطاع السيارات، يبدو أن المغرب يقترب من أن يصبح مركزا رئيسيا للتصنيع والتصدير، مستفيدا من موقعه الجغرافي، تكاليفه التنافسية، وبنيته التحتية المتطورة.
فهل ستتمكن إسبانيا من استعادة مكانتها الصناعية، أم أن المغرب وتركيا سيواصلان جذب الاستثمارات وخطف المزيد من العقود الصناعية في السنوات المقبلة؟
فاطمة الزهراء الجلاد.