
في دهاليز السياسة المغربية، حيث تتقاطع الملفات الحقوقية مع الرهانات السياسية، يبرز اسم محمد الحبيب بلكوش كفاعل مخضرم يجمع بين الأكاديمية والعمل الحقوقي والممارسة الميدانية. تعيينه مندوبًا وزاريًا مكلفًا بحقوق الإنسان لم يكن مجرد قرار إداري، بل رسالة تحمل في طياتها توجهًا جديدًا للدولة في التعامل مع ملف الحقوق والحريات.
الرجل القادم من بوابة الفكر والقانون، ليس غريبًا عن دوائر صنع القرار. فمن رئاسته لمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، إلى عضويته السابقة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ظل بلكوش حاضرًا في النقاشات الكبرى حول الإصلاح الحقوقي بالمغرب. واليوم، وهو يتولى قيادة المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، يجد نفسه أمام اختبار حقيقي: كيف يمكنه تحويل الالتزامات النظرية إلى سياسات ملموسة تعزز مكانة المغرب في المشهد الحقوقي الدولي؟
في حفل تنصيبه، لم يكن الخطاب مجرد بروتوكول رسمي. وزير العدل عبد اللطيف وهبي تحدث عن ضرورة تمكين المندوبية من الموارد اللازمة، وبلكوش، الذي يعرف جيدًا تضاريس المشهد الحقوقي، لم يخفِ وعيه بحجم التحدي. فهو يدرك أن حقوق الإنسان لم تعد مجرد ملف ثانوي في الأجندة الحكومية، بل أضحت مقياسًا حاسمًا لمدى التزام الدول بالديمقراطية والحكم الرشيد.
لكن المهمة لن تكون سهلة. فبين ضغط المنظمات الحقوقية، ومتطلبات الملاءمة مع المعايير الدولية، وبين ضرورات السيادة الوطنية، يقف بلكوش في منطقة معقدة تتطلب مهارة في التفاوض، وحنكة في تدبير الملفات الساخنة. وإذا كان الرجل قد أثبت كفاءته في محطات سابقة، فإن هذا التعيين يضعه في قلب معادلة دقيقة: إقناع الداخل، وطمأنة الخارج، مع الحفاظ على التوازن بين الالتزامات الحقوقية والسياسات العمومية.
اليوم، كل الأنظار تتجه إليه. هل سينجح في وضع بصمته الخاصة في هذه المرحلة؟ وهل سيتمكن من إعادة رسم علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع الحقوقي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن بلكوش يدخل هذه المهمة وهو مسلح بخبرة سنوات من العمل في دهاليز القانون والسياسات العمومية.