سياسةمجتمع

المغرب يرسخ ريادته العمالية بقانون الإضراب ودعم أممي لمساره الاجتماعي

في خطوة نوعية تعكس تطور المشهد الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب، أشاد المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جيلبرت هونغبو، بإقرار المملكة لقانون الإضراب، واصفًا الأمر بـ”النبأ السار جدًا”. هذه المصادقة، التي جاءت بعد أكثر من ستة عقود من الانتظار، لم تكن مجرد تعديل قانوني، بل محطة مفصلية في مسار توازن العلاقة بين العمال وأرباب العمل، وإحدى علامات نضج التجربة المغربية في تدبير القضايا الاجتماعية.

الزيارة التي قام بها وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، إلى جنيف، لم تكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل جسدت عمق التعاون المغربي الأممي في ملف الشغل والحماية الاجتماعية. فمن تنظيم الإضراب إلى محاربة تشغيل الأطفال، وضع المغرب نفسه في مصاف الدول القليلة التي استطاعت الجمع بين مقتضيات النمو الاقتصادي وضمان الحقوق الاجتماعية.

هونغبو لم يخفِ إعجابه بالحوار الاجتماعي الذي سبق اعتماد القانون، مؤكدًا أن هذا النهج يضمن استدامة أي إصلاح. كما أن استعداد المغرب لاستضافة المؤتمر العالمي السادس للقضاء على تشغيل الأطفال مطلع 2026، يعكس مكانته كفاعل دولي في قضايا العمل وحقوق الإنسان.

ما يميز هذه المرحلة أن القانون الجديد ليس مجرد وثيقة تنظيمية، بل نقطة تحول تُترجم إرادة سياسية حقيقية لتحديث سوق الشغل وضمان استقرار العلاقة بين المشغلين والعمال. بفضل هذه الخطوة، لم يعد المغرب فقط بلدًا يضع التشريعات، بل صار نموذجًا يُحتذى به في إدماج الأبعاد الاجتماعية ضمن استراتيجيات التنمية.

في كواليس هذا اللقاء، حضرت قضايا أخرى لا تقل أهمية، مثل خارطة طريق التشغيل، والتي تستهدف فئة “NEET” من الشباب غير المندمجين في التعليم أو التكوين أو العمل. ورغم التحديات، يبدو أن المغرب يسير بثبات نحو نموذج تنموي متكامل، حيث لا يتم قياس التقدم الاقتصادي فقط بالأرقام، بل أيضًا بمدى تأثيره على تحسين حياة المواطنين.

اليوم، وبينما يحظى المغرب بإشادة دولية على خطواته الجريئة في إصلاح سوق العمل، يبقى الرهان الحقيقي هو تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع بما يضمن تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وضمان العدالة الاجتماعية.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close