الحكومة تُنعش الحوار الاجتماعي: عودة مرتقبة للتفاوض حول الأجور والإصلاحات الكبرى

في خطوة طال انتظارها، تستعد الحكومة المغربية لاستئناف جولات الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، في الأيام القليلة المقبلة، وسط ترقب كبير من الشغيلة المغربية وتفاؤل بفتح صفحة جديدة من التوافق الاجتماعي.
هذا الحوار، الذي يعود بعد أشهر من الجمود، يأتي في سياق تنفيذ الالتزامات الموقعة ضمن ميثاق الحوار الاجتماعي لسنة 2022، والذي يُعد خارطة طريق نحو ترسيخ آلية تفاوض مؤسساتية تضمن التراكم والاستمرارية في معالجة القضايا الاجتماعية ذات الأولوية.
ومن بين أبرز الملفات التي ستكون على طاولة النقاش، تفعيل الشطر الثاني من الزيادة العامة في الأجور بقيمة 500 درهم صافية شهريًا لفائدة موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية، بداية من فاتح يوليوز المقبل، بعدما تم صرف الشطر الأول في يوليوز الماضي. كما ينتظر تطبيق الرفع التدريجي للحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، ابتداء من أبريل الجاري، في إطار سعي الدولة لتحقيق مزيد من الإنصاف في توزيع الثروة.
وفي سياق متصل، تبرز مراجعة نظام الضريبة على الدخل كأحد ثمار المرحلة الأولى من الحوار، بعدما دخلت التعديلات الجديدة حيّز التنفيذ مع بداية سنة 2025، ما سيساهم في تحسين القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة ويمنح متنفساً لفئة واسعة من الأجراء.
وتعول الحكومة والنقابات أيضاً على تحقيق تقدم ملموس في ملف إصلاح منظومة التقاعد، عبر إرساء قطبين عمومي وخاص في أفق تقليص الفوارق وتحقيق التوازنات المالية للصناديق، بما يحفظ الحقوق المكتسبة ويؤمن مستقبل المتقاعدين.
وفي وقت تؤكد فيه الحكومة التزامها بخيار الحوار كسبيل وحيد لبناء السلم الاجتماعي وتعزيز الثقة بين مختلف الأطراف، تضع النقابات السقف عالياً هذه المرة، مطالبة بإجراءات ملموسة تواكب ارتفاع تكاليف المعيشة وتراعي تطلعات الشغيلة لمزيد من الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
جولة الحوار المرتقبة لا تختبر فقط مدى جدية الأطراف المعنية، بل تُعد اختباراً لمدى قدرة النموذج المغربي على التفاعل الإيجابي مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية، في ظرفية وطنية ودولية دقيقة، تتطلب تضافر الجهود لضمان الاستقرار وتحقيق التنمية المنشودة.