
في خطوة خطيرة تُهدد استقرار منطقة الساحل، فجّرت الحكومة الانتقالية في مالي قنبلة دبلوماسية باتهامها المباشر للنظام الجزائري بإسقاط طائرة بدون طيار تابعة لجيشها داخل التراب المالي، واصفة ما حدث بـ”العدوان الممنهج والدعم الواضح للإرهاب الدولي”.
الواقعة تعود ليوم 6 أبريل الجاري، حين سقطت طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة تينزواتين، بإقليم كيدال، على مرمى حجر من الحدود الجزائرية. التحقيقات التي باشرتها السلطات المالية أكدت أن الطائرة لم تغادر المجال الجوي المالي، وأن إسقاطها تم بواسطة نيران جزائرية “معادية”.
الحكومة المالية لم تتأخر في الرد، ووصفت العمل الجزائري بأنه “عدوان متعمد وغير ودي”، مطالبة باعتذار رسمي ومهددة بتحركات على الساحة الدولية. وفي أولى خطوات التصعيد، أعلنت باماكو عن استدعاء السفير الجزائري، والانسحاب الفوري من لجنة الأركان المشتركة CEMOC، كما قررت رفع دعوى دولية ضد النظام الجزائري بتهمة “العدوان المسلح على دولة ذات سيادة”.
وفي موقف لا يخلو من دلالات سياسية وأمنية خطيرة، قال وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن “الجزائر لم تعد تتصرف كدولة جارة، بل كفاعل يعرقل جهودنا في محاربة الإرهاب. نملك أدلة على تورطها في دعم جماعات مسلحة تُهدد استقرارنا الإقليمي”.
هذا الاتهام العلني الصريح يأتي في وقت تشهد فيه منطقة الساحل تحولات جيوسياسية عميقة، خاصة بعد تقارب محور مالي، النيجر، وبوركينا فاسو مع روسيا، واستمرار تدهور العلاقات مع باريس والغرب، لتجد الجزائر نفسها في مواجهة مباشرة مع حلف الساحل الجديد، الذي يبدو أنه بدأ يضبط بوصلته نحو موسكو.
المؤشرات القادمة من باماكو توحي بأن الأزمة ستأخذ أبعادًا أكبر في قادم الأيام، خصوصًا إذا ما قرر التحالف الثلاثي المضي في التصعيد ضد ما يصفونه بـ”التواطؤ الجزائري مع قوى الفوضى في المنطقة”. وفي الوقت الذي يلتزم فيه النظام الجزائري الصمت، يبقى السؤال مطروحًا: هل نحن على أبواب مواجهة إقليمية مفتوحة في قلب الساحل الإفريقي؟