من مراكش إلى القدس: حين تعبر الابتكارات حدود الجغرافيا وتُشعل شرارة الأمل

في زمنٍ باتت فيه الحدود السياسية تخنق الطموحات، تَخترق هذه المبادرة أسوار الحصار، وتمنح ست شركات ناشئة فلسطينية فرصة نادرة للوجود في عرس الابتكار الإفريقي. ليست مجرد مشاركة رمزية، بل دفعة قوية في اتجاه مستقبل ممكن، حيث تتحوّل القدس من عنوان للألم إلى منصة للإبداع.

الوكالة، وبدعم من وزارة الانتقال الرقمي المغربية، لم تكتفِ بوضع شعار جميل على مدخل الجناح، بل حملت معها إستراتيجية متكاملة، ممتدة حتى 2027، تُراهن على الرقمنة كأداة للتحرر الاجتماعي والاقتصادي. تعليم، صحة، فينتك، بيئة، وتجارة رقمية… قطاعات حيوية تجد صداها في مشاريع شبابية نابضة بالحياة، لا تنتظر المنح بقدر ما تبحث عن شراكات وفرص للنمو.

هذا الحضور في GITEX ليس صدفة، بل تتويج لمسار بدأته الوكالة بمشاريع رقمية طموحة: منصة “بيت المغرب” لحفظ التراث، “دلالة” لتسويق المنتجات الاجتماعية، “هيا” لتعليم الأطفال، ومنصة للدعم النفسي، لأن الإبداع لا ينمو في الظل، بل في بيئة تحترم الإنسان وتحتضن طموحه.

جناح 20D-20، حيث يقيم الوفد الفلسطيني، يتحوّل خلال أيام المعرض إلى نقطة تلاقٍ بين عوالم مختلفة: شباب فلسطينيون بأفكار تُقاوم اليأس، ومهنيون مغاربة ودوليون يبحثون عن قصص نجاح حقيقية، خارج قوالب الاستعراض المعتادة. لقاءات مهنية، عروض، نقاشات، و”ترافع” رقمي من نوع جديد، لا يطلب الشفقة، بل يعرض القدرة ويُطالب بالثقة.

الرسالة واضحة: لا يمكن الحديث عن تنمية رقمية في إفريقيا دون احتساب نبض القدس. ولا يمكن تجاهل كفاءات شبابها، حتى إن كانت ملامحهم تُرهقها الجغرافيا والسياسة. فهؤلاء لا ينتظرون الفرج، بل يصنعونه، سطرًا بسطر، وسطر الكود بآخر.

مراكش اليوم لا تستقبل زوارًا فقط، بل تستضيف أحلامًا فلسطينية تخرج من رحم التحدي. والوكالة، التي كانت دائمًا حارسة لذاكرة القدس، تُثبت اليوم أنها أيضًا بوابة لمستقبلها الرقمي. ومن يدري؟ لعل شركة ناشئة وُلدت في ظل المعاناة، ستُحدث غدًا فرقًا في العالم. فقط لأنها أُتيحت لها الفرصة أن تقول: “نحن هنا… ونستحق.”