المغرب يُعانق المجد الدبلوماسي في أوروبا: جولة بوريطة تعيد رسم خارطة النفوذ المغربي

في خطوة تؤكد صعود المغرب كفاعل دبلوماسي وازن على الساحة الدولية، يختتم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، جولة أوروبية استراتيجية بحلوله يوم الخميس 17 أبريل الجاري بالعاصمة الإسبانية مدريد، قادماً من محطات متعددة شملت باريس، تالين، كيشيناو، زغرب وبودابست.
الجولة التي وُصفت من طرف المراقبين بـ”المدروسة والمثمرة”، تعكس دينامية جديدة في السياسة الخارجية للمملكة، بقيادة وتوجيه مباشر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث لم تعد الدبلوماسية المغربية تكتفي برد الفعل، بل أصبحت تصنع الحدث، وتفرض نفسها كطرف موثوق به وشريك ذو مصداقية في ملفات بالغة التعقيد والحساسية.
في كل محطة من محطات هذه الجولة، وضع المغرب بصمته الخاصة:
في فرنسا، تم تعزيز العلاقات الثنائية على أسس الاحترام المتبادل وإعادة بناء الثقة.
في إستونيا، تموقع المغرب كلاعب محوري في مجالات الرقمنة والتكنولوجيا.
أما في مولدوفا، فكان الحضور المغربي رسالة واضحة عن انفتاح الرباط على شرق أوروبا، واستعدادها لنسج تحالفات جديدة تتجاوز الإطار التقليدي.
في كرواتيا، حصل المغرب على تأكيد صريح بدعم وحدته الترابية، وفي هنغاريا، عكست المباحثات تطابقاً في الرؤى حول العديد من القضايا الدولية.
وتأتي مدريد كآخر حلقة في هذه السلسلة، لتؤكد ثبات التحول الكبير في العلاقات المغربية الإسبانية، المبنية اليوم على شراكة استراتيجية تشمل قضايا الهجرة، الأمن، الاقتصاد، والتعليم، وكذا الموقف الإسباني المتقدم من ملف الصحراء المغربية، والذي يشكل حجر الزاوية في أي تقارب دبلوماسي بين البلدين.
بعيداً عن الخطاب الإنشائي، تُظهر هذه الجولة أن المغرب لم يعد يُقاس بثقله الجغرافي فحسب، بل أصبح يُحسب له حساب في مراكز القرار الأوروبي. الرباط اليوم لا تنتظر المبادرات، بل تبادر، تُقنع، وتؤثر، من موقع الندية، لا التبعية.
هذه الدينامية الجديدة لم تكن لتتحقق لولا رؤية ملكية واضحة، ودبلوماسية يقودها ناصر بوريطة بأسلوب متزن وفعّال، يجعل من الحضور المغربي في الخارج امتداداً طبيعياً لقوة داخلية آخذة في التشكل بثبات.
المغرب، اليوم، ليس مجرد بلد يطالب بالإنصات… بل صار صوتاً لا يمكن تجاهله.