سياسة

ابن كيران يعود… والعدالة والتنمية يحاول التقاط أنفاسه في زمن “التيه السياسي”

في زمن تراجعت فيه نجومية الأحزاب التقليدية، وعلى وقع جراح انتخابية لم تندمل بعد، اختار حزب العدالة والتنمية أن يعلن عن نفسه من جديد عبر مؤتمر وطني بدا كأنه “ولادة ثانية” أو “مغامرة أخيرة” بحثًا عن أمل مفقود.

بوزنيقة احتضنت الحدث. مدينة صغيرة، لكنها تحولت يومي 26 و27 أبريل 2025 إلى مركز استقطاب سياسي وإعلامي لافت. هناك، بين أروقة قصر المؤتمرات، كانت أوراق العدالة والتنمية تعاد خلطها بعناية، وكان الحاضرون يراقبون المشهد: من سينقذ السفينة التي أرهقتها أمواج الهزائم؟

الجواب جاء سريعًا، بل بصوت مرتفع: عبد الإله ابن كيران يعود أمينًا عامًا، بعد أن حصد 974 صوتًا من أصل 1390، متقدمًا بفارق واسع على إدريس الأزمي الإدريسي وعبد الله بووانو. لم تكن مفاجأة بالمعنى التقليدي؛ ابن كيران كان دومًا “الخطة باء” للحزب كلما ضاقت السبل واشتدت الأزمات. رجل المرحلة، أو هكذا يحب أن يراه أنصاره، أعاد رسم معالم قيادة حزبه برفقة فريق جديد على رأس الأمانة العامة، ضم إدريس الأزمي نائبًا أول، وعبد العزيز عماري نائبًا ثانيًا، وسعيد خيرون مديرًا عامًا.

جامع المعتصم، بدوره، تولى رئاسة المجلس الوطني، مع وعد بأن يكون “صوت القواعد” في زمن يحتاج فيه الحزب إلى العودة لجذوره، لا لمناورات الأروقة.

بعيدًا عن كواليس الانتخاب، بدا واضحًا أن المؤتمر التاسع لم يكن مجرد لحظة تنظيمية. كان بمثابة مكاشفة مؤلمة مع الذات. في الكلمات، في الوثائق، في الوجوه التي حضرت وتلك التي غابت. فقد أقر الحزب، لأول مرة بوضوح، بأنه أخطأ الحسابات، وأكد، عبر ورقته السياسية، أن “الاستقلالية السياسية” صارت شرط حياة أو موت.

ابن كيران لم يترك الفرصة تمر دون أن يوجه سهامه نحو حكومة أخنوش. تحدث عن “تحزيب الإدارة”، عن “تضارب المصالح”، عن “تآكل الثقة”، وكأنه يريد القول: نحن أخطأنا… لكن خصومنا ليسوا ملائكة.

ومع ذلك، لم يخلُ الخطاب من لمسة دينية معتادة. التمسك بالمرجعية الإسلامية ظهر كخيط ناظم لكل تفاصيل المؤتمر، في رسالة داخلية موجهة إلى قاعدة بدأت تتململ: الحزب ليس مجرد آلة انتخابية… بل مشروع قيم لا يموت بانطفاء صناديق الاقتراع.

على هامش الحدث، حضرت أسماء من أحزاب أخرى أبرزها محمد أوزين ممثلا للحركة الشعبية و نبيل بن عبد الله كصورة للتقدم و الاشتراكية، في إشارة إلى أن العدالة والتنمية لا يزال رقما صعبا في المعادلة السياسية، رغم كل ما يُقال عن نهايته.

هل نجح المؤتمر في ترميم الشرخ الداخلي وإعادة ضخ الأمل في عروق الحزب؟

الإجابة لم تُحسم بعد. فمعركة استعادة الثقة طويلة ومضنية، وقد تتطلب أكثر من مجرد انتخاب قيادة جديدة أو رفع شعارات جميلة.

في بوزنيقة، كان المشهد أشبه ببداية جديدة… أو محاولة أخيرة.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close