تكنولوجيادوليمجتمع

في أبوظبي… المغرب يرسم ملامح “ثقافة الإنسانية” في عصر الذكاء الاصطناعي

في قلب العاصمة الإماراتية، وبين نخبة من صناع الفكر ورواد الإبداع من مختلف أنحاء العالم، كان للمغرب صوتٌ واضحٌ وحضورٌ لافتٌ. وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، قاد وفد المملكة إلى الدورة السابعة من القمة الثقافية بأبوظبي، التي انطلقت تحت شعار عميق الدلالة: “الثقافة لأجل الإنسانية وما بعد”.

لم يكن الحضور المغربي مجرد مشاركة رمزية، بل مساهمة نوعية في حوار دولي حول أسئلة المرحلة: كيف تصمد الثقافة أمام العاصفة الرقمية؟ وكيف للذكاء الاصطناعي أن يؤثر، بل يعيد تشكيل، الإبداع الإنساني ذاته؟

في جلسة الحوار الوزاري ضمن مبادرة “مونديا كلت”، انخرط بنسعيد، إلى جانب وزراء ثقافة وشخصيات فكرية بارزة، في نقاش مفتوح حول “ثقافة الإنسانية في العصر الرقمي”، ملامسًا بتدخله قلق العالم من حدود العلاقة بين الإنسان والتقنية، ومستشرفًا كيف يمكن للثقافة أن تحمي أصالتها دون أن تدير ظهرها للمستقبل.

السيد أحمد التازي، سفير المملكة لدى دولة الإمارات، كان هو الآخر حاضرًا، مؤكدا، عبر مشاركته، متانة الجسور الثقافية بين الرباط وأبوظبي، في زمن باتت فيه الدبلوماسية الثقافية ورقة أساسية في رسم الخرائط الجديدة للعلاقات الدولية.

ولأن المغرب لا يكتفي بلعب أدوار تقليدية، فقد تولى بنسعيد رئاسة الاستشارات الإقليمية للمنطقة العربية ضمن ملتقى “مونديا كلت 2025”، وهو اعتراف بمكانة المملكة كفاعل ثقافي في الفضاء العربي والدولي.

القمة الثقافية نفسها لم تكن حدثًا عاديا. من جلسات فكرية عميقة إلى ورش عمل تفاعلية، من عروض فنية إلى لقاءات أطفال وكبار، كانت أبوظبي مسرحًا لحوار حضاري مفتوح حول مفاهيم باتت تطرق بقوة على أبواب المستقبل: إعادة تشكيل المشهد الثقافي في زمن التحولات الرقمية والجيوسياسية، استكشاف حدود الإنسان وما بعده في ظل تقدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات البيولوجية، ورسم أطر جديدة لتعريف الثقافة في عالم يبحث عن شمولية وعدالة واستدامة.

وسط هذه الدينامية الكبرى، كان صوت المغرب واضحًا: ثقافتنا ليست ماضيا نخشاه ولا حاضرا نخافه، بل مشروع إنساني منفتح على آفاق المستقبل، متشبث بجذوره، متطلع إلى عوالم رقمية تليق بالكرامة والإبداع الإنساني.

القمة تستمر إلى غاية 29 أبريل، لكن أثرها، كما يبدو، سيمتد طويلا… تماما كما تمتد الأسئلة الكبرى التي طرحتها دون أن تضع لها أجوبة جاهزة. ففي زمن التحولات الكبرى، الأهم ليس أن تكون حاضرًا، بل أن تكون مؤثرًا… وهذا بالضبط ما سعى المغرب إلى تحقيقه من قلب أبوظبي.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close