سياسة

مبادرة الحكم الذاتي تحظى بدعم بوروندي كحل واقعي للنزاع… دلالات سياسية وإفريقية

في سياق الزخم الدبلوماسي الذي تشهده العلاقات المغربية الإفريقية، جددت جمهورية بوروندي، يوم الاثنين 12 ماي 2025، تأكيد دعمها القوي والثابت للوحدة الترابية للمملكة المغربية ولسيادتها على أقاليمها الجنوبية، وذلك خلال الدورة الأولى للجنة التعاون المشتركة بين البلدين التي انعقدت بالعاصمة الرباط. وجاء هذا الموقف في بيان مشترك وقعه وزير الخارجية البوروندي، ألبيرت شينجيرو، ونظيره المغربي ناصر بوريطة.
هذا التأكيد ليس جديدًا، إذ سبق لبوروندي أن عبرت في مناسبات عدة عن انخراطها الواضح في دعم مغربية الصحراء، لكنه يأتي هذه المرة في إطار دينامية دبلوماسية متجددة، تعززها مبادرات ملموسة في مجالات التعاون الثنائي والتشاور السياسي. وقد أشاد الوزير البوروندي بالدينامية الدولية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس دفاعًا عن مغربية الصحراء، معتبرا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تظل الحل الواقعي والوحيد القابل للتطبيق لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء في إطار السيادة المغربية.
وفي السياق نفسه، لم تكتف بوروندي بإعلان موقفها السياسي، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بالإشادة بالرؤية الملكية بعيدة المدى تجاه القارة الإفريقية، وخاصة المبادرات المتعلقة بالدول الإفريقية الأطلسية ومبادرة الساحل. فقد نوّه شينجيرو بالمبادرة الملكية الرامية إلى تحويل الفضاء الأطلسي الإفريقي إلى إطار جيو-استراتيجي قائم على التعاون البراغماتي، مما يعكس رغبة المغرب في بناء شراكات متوازنة وفعالة تخدم مصالح شعوب المنطقة.
ومن جهة أخرى، أثنى المسؤول البوروندي على المبادرة المغربية من أجل منطقة الساحل، والتي تهدف إلى تمكين دول الساحل غير الساحلية من الولوج إلى المحيط الأطلسي، عبر تطوير شبكات الربط الإقليمي في مجالات النقل والبنية التحتية. وتكتسي هذه المبادرة بعدا تنمويا وأمنيا في آن واحد، إذ تسهم في فك العزلة عن هذه الدول وتعزز فرص النمو والاستقرار.
تأتي هذه التصريحات والمواقف لتكرس البعد الإفريقي للسياسة الخارجية المغربية، التي استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحجز لنفسها مكانة متقدمة في القارة بفضل نهج براغماتي متوازن يجمع بين الدفاع عن المصالح الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحراء، وبين الإسهام الفعلي في قضايا التنمية والاستقرار في إفريقيا.
إن الموقف البوروندي يعكس، من جهة، قوة العلاقات الثنائية بين المغرب وبوروندي، ومن جهة أخرى، يعبر عن اتساع دائرة التأييد الإفريقي لمغربية الصحراء، في ظل رؤية ملكية تؤمن بأن القارة الإفريقية ليست فقط مجالا للدفاع الجيوسياسي، بل فضاء مشتركا للتنمية والتضامن جنوب-جنوب.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close