
في لحظة يعلو فيها ضجيج الصراع وتغيب فيها إشارات الحل، تحتضن الرباط في 20 ماي 2025 الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، في محاولة دولية جديدة لتثبيت الزخم الهارب من بين أصابع الدبلوماسية.
الاجتماع، الذي يُعقد بشراكة مغربية-هولندية، ليس مجرد حلقة جديدة في سلسلة اللقاءات، بل يحمل عنواناً له نَفَسُ التأمل والتقييم: “استدامة الزخم لعملية السلام: الدروس المستفادة، قصص النجاح، والخطوات القادمة”. العنوان في حد ذاته يُوحِي بأن الزمن قد حان لفرز ما هو ممكن من بين أنقاض ما لم يتحقق.
من نيويورك إلى الرياض، مروراً ببروكسل وأوسلو والقاهرة، وصولاً إلى الرباط، ينتقل التحالف العالمي، الذي أُطلق في شتنبر 2024 من طرف مجموعة اتصال تضم أطرافاً عربية وإسلامية ودولية، وفي مقدمتها السعودية وقطر ومصر وتركيا والاتحاد الأوروبي، عبر محطات متعددة جمعت بين الإيمان العميق بالسلام وواقعٍ سياسي مُتقلّب يضرب جذور الاستقرار في المنطقة.
في العاصمة المغربية، حيث التاريخ السياسي يُزاوج بين الاعتدال والدينامية الدبلوماسية، يجتمع ممثلو أزيد من 50 دولة ومنظمة، ليس فقط لطرح الأسئلة الكبرى، بل لصياغة أجوبة ممكنة. الرباط لا تُقدّم نفسها كوسيط فحسب، بل كحاضنة لرؤية تؤمن بأن السلام لا يُصنع فقط في القاعات المغلقة، بل في تقوية المؤسسات الفلسطينية، وتثبيت دعائم الاقتصاد، وبناء الثقة المفقودة.
ثلاث جلسات تُشكّل العمود الفقري للاجتماع: قراءة واقعية لأثر المبادرات السابقة، ثم الغوص في عمق بناء المؤسسات والحكامة الفلسطينية، وأخيراً، التنقيب في الأسس الاقتصادية للسلام. ليس الحديث عن خطط مجرّدة، بل عن تدابير سياسية ملموسة، مدعومة بإرادة معلَنة لتجاوز الانسداد.
لكن، خلف البروتوكولات والبيانات، يلوح سؤال جوهري: هل لا يزال حل الدولتين خياراً قابلاً للحياة؟ الرباط، من موقعها الجيوسياسي ومن رصيدها في ملف السلام، تراهن على أن الجواب لا يُقاس فقط بميزان القوى، بل بميزان القيم أيضاً.
في مشهد يختلط فيه الإحباط بالأمل، يبدو هذا الاجتماع كفرصة لإعادة تموقع الجهود، ومساءلة النوايا، وتثمين ما تحقق بصمت، بعيداً عن الأضواء. الرباط تُعيد طرح سؤال السلام بطريقة جديدة: هل نملك الشجاعة الكافية لنمنح الحلم الفلسطيني فرصة جديدة للحياة؟