سياسة
Le7tv.ma Send an email منذ أسبوعين
هل تشكل شراكة المغرب وزامبيا نموذجا جديدا لتعزيز التعاون الإفريقي جنوب-جنوب؟

في مشهد يعكس دينامية العلاقات الإفريقية المتجددة، احتضن مقر مجلس المستشارين المغربي، لقاءً برلمانياً رفيع المستوى جمع بين نائب رئيس المجلس، لحسن حداد، ووفد من لجنة الحسابات العامة بالجمعية الوطنية الزامبية، برئاسة وارن تشيشا موامبازي. اللقاء لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل شكل محطة جديدة لتكريس شراكة استراتيجية متنامية بين المغرب وزامبيا، عنوانها الأبرز: تكامل إفريقي قائم على تبادل الخبرات وتعزيز الحكامة والتنمية المشتركة.
برلمان فاعل وتعاون تقني
أحد أبرز محاور المباحثات تمثل في التركيز على التعاون البرلماني في مجال المحاسبة والمالية العمومية، وهي مجالات تعد حجر الزاوية في إرساء أسس الحكامة الرشيدة. وقد أبرز حداد دور مجلس المستشارين في مناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات، ومساهمته الفعالة في صياغة السياسات المالية، ما يعكس تجربة مغربية يمكن أن تشكل نموذجاً يحتذى به في تعزيز الرقابة التشريعية والمساءلة المؤسساتية.
مرجعية ملكية وتحولات استراتيجية
اللقاء أعاد إلى الأذهان الزيارة الملكية التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى زامبيا سنة 2017، والتي أطلقت دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين، ترجمت إلى اتفاقيات تعاون شملت مجالات حيوية كالفلاحة والطاقة والسياحة. هذا التوجه يتقاطع مع رؤية المغرب لتكريس تعاون جنوب–جنوب قائم على النفع المتبادل، وهي رؤية تتجسد أيضاً في مشاريع ضخمة مثل أنبوب الغاز الإفريقي–الأطلسي والمبادرة الأطلسية، التي تعكس طموحاً مغربياً لربط التنمية الاقتصادية بالإرادة السياسية الإقليمية.
موقف داعم للوحدة الترابية
في جانب يحمل بعداً سيادياً، لم يغفل حداد التعبير عن تقدير المغرب للموقف الثابت لزامبيا إزاء قضية الصحراء المغربية، والذي ترجم عملياً بافتتاح قنصلية عامة لزامبيا في مدينة العيون سنة 2020. هذه الخطوة، وإن بدت دبلوماسية في ظاهرها، إلا أنها تحمل رسائل سياسية واضحة تؤكد عمق الشراكة بين البلدين وتطابق وجهات نظرهما حول قضايا حساسة.
نحو شراكة اقتصادية متكاملة
من جانبه، عبر رئيس الوفد الزامبي عن ارتياحه للتقدم المحرز في العلاقات الثنائية، منوهاً بنتائج الدورة الأخيرة للجنة العليا المشتركة التي احتضنتها العيون في دجنبر 2024. ودعا إلى المضي قدماً نحو شراكة استراتيجية متقدمة، تركز على الربط الجوي المباشر وتكثيف التبادل التجاري، ما يعكس وعياً إفريقياً متزايداً بأهمية التكامل الاقتصادي كرافعة للتنمية المستدامة.
إفريقيا بصيغة التعاون لا التبعية
اللقاء البرلماني المغربي–الزامبي لم يكن مجرد حدث ثنائي، بل يمكن قراءته في سياق أوسع يعكس تصاعد أدوار الفاعلين البرلمانيين في الدبلوماسية الموازية، وتنامي الوعي الإفريقي بضرورة بناء تحالفات جنوب–جنوب تتجاوز منطق التبعية إلى أفق الشراكة الفعلية. وهنا، يظهر المغرب وزامبيا كنموذجين لقارة تتحرك نحو إعادة تعريف موقعها في العالم، ليس فقط كمستقبل للمساعدات، بل كمنتج للبدائل.
فاطمة الزهراء الجلاد.