سياسة
التحول الطاقي في قلب النقاش الإقليمي: منتدى مراكش يدعو لتكامل الجهود بين ضفتي المتوسط والخليج

احتضنت مدينة مراكش، يوم أمس الجمعة، جلسة نقاش محورية ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، والتي تمحورت حول موضوع “التحول الطاقي، التكيف والأمن الطاقي: خيارات استراتيجية”. وأجمع المشاركون على أن نجاح عملية الانتقال إلى الطاقات المتجددة يمرّ حتماً عبر تعزيز التعاون الإقليمي وتنسيق الجهود على المستويين الجهوي والدولي.
دعوة لتوحيد التشريعات وتبادل الخبرات
أكد المتدخلون في الجلسة أن الانتقال الطاقي لا يمكن أن يتم بمعزل عن شراكات فعالة بين الدول، داعين إلى تبادل الخبرات، وتوحيد المعايير، وتنسيق التشريعات، بما يضمن انخراطاً جماعياً في مواجهة تحديات المناخ وتحقيق الأمن الطاقي.
وفي هذا السياق، شدد محمد أوحميد، الكاتب العام بالنيابة بقطاع الانتقال الطاقي بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، على الأهمية الاستراتيجية للتعاون الإقليمي في رؤية المغرب. ولفت إلى أن المملكة تعد البلد الإفريقي الوحيد المرتبط طاقياً بأوروبا، عبر أنبوب الغاز والربط الكهربائي مع إسبانيا، إلى جانب مشاريع مع البرتغال واتفاق للتعاون الطاقي مع موريتانيا، ما يجعلها جسراً حيوياً بين شمال وجنوب المتوسط.
رؤية مغربية قائمة على ثلاث ركائز
وأوضح أوحميد أن الانتقال الطاقي في المغرب يستند إلى رؤية ملكية واضحة وضع أسسها جلالة الملك محمد السادس، وترتكز على ثلاث دعائم أساسية: تطوير الطاقات المتجددة، تعزيز النجاعة الطاقية، وتوسيع الاندماج الإقليمي والجهوي لأسواق وشبكات الطاقة.
الأردن: لا بديل عن العمل الجماعي
من جانبه، أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية في المملكة الأردنية الهاشمية أن معالجة التحديات المرتبطة بالطاقة تقتضي جهداً جماعياً وتنسيقاً دولياً، مشيراً إلى أن بلاده اختارت التحول نحو الطاقة الخضراء كخيار استراتيجي، مستندة إلى النجاحات المسجلة في مجال الطاقات المتجددة بهدف التموقع كمركز إقليمي للإنتاج والتصدير.
نداء لتعزيز التكامل الرقمي والتكنولوجي
بدوره، شدد نوفل تلاحيق، المدير الإقليمي لصندوق “إيفاد” في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، على أهمية إدماج التكنولوجيا الرقمية وتطوير حلول مبتكرة لدعم الانتقال الطاقي، مسجلاً ضعف التجانس في المنطقة المتوسطية وغياب مبادرات منسقة لتعزيز التعاون بين دول الشمال والجنوب، وحتى بين دول الجنوب نفسها.
واعتبر أن التكامل لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة ملحة تفرضها التحديات المشتركة، داعياً إلى إرساء آليات تمويل مبتكرة وتوفير موارد مخصصة للطاقة الخضراء وبناء القدرات.
الفاو: الطاقات المتجددة لتخفيف الضغط على الموارد
من جهته، لفت النائب جان ليوناردو توادي، المنسق الخاص للتحالفات البرلمانية بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى ضرورة وضع استراتيجيات زراعية مستدامة، نظراً لتزايد التنافس على الموارد المائية والطاقية. وأكد أن الطاقات المتجددة يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تخفيف الضغط على هذه الموارد الحيوية.
ودعا توادي إلى تعزيز الاستثمار في البحث العلمي وإنشاء مراكز لجمع البيانات لتحسين فعالية السياسات العمومية وضمان استدامة النشاط الزراعي.
منتدى تحت رعاية ملكية سامية
يذكر أن منتدى مراكش ينظمه مجلس المستشارين المغربي والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويهدف إلى تسليط الضوء على أبرز التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد العالمي، مع تركيز خاص على منطقتي الأورومتوسط والخليج.
ويسعى المنتدى إلى إشراك قادة سياسيين واقتصاديين، وممثلين عن القطاعين العام والخاص، إلى جانب الأكاديميين والمجتمع المدني، في صياغة حلول مبتكرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وتشجيع تدفق الاستثمارات بين ضفتي المتوسط والخليج.
يعكس منتدى مراكش وعياً متزايداً بضرورة اعتماد نهج جماعي لمواجهة التحديات المناخية والطاقية، ويؤكد أن الطريق نحو تحول طاقي ناجح لا يمر إلا عبر التنسيق الإقليمي، والاستثمار في التكنولوجيا والمعرفة، وتعزيز العدالة الطاقية والتنموية بين شعوب المنطقة.
فاطمة الزهراء الجلاد.