مجتمع

تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة يثير جدلا في سوس ماسة

شهدت جهة سوس ماسة، خلال اليومين الماضيين، موجة جدل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول صور ومقاطع فيديو توثق ما وصف بـ”الإنزال الملحوظ” للمهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في مناطق متفرقة من الجهة، أبرزها مدينة أكادير وجماعة آيت عميرة بإقليم اشتوكة آيت باها.

وتفاعلت تعليقات النشطاء مع هذه الصور، متسائلة عن تداعيات التواجد المكثف لهؤلاء المهاجرين على التركيبة الديمغرافية والاجتماعية للمنطقة، كما طرحت علامات استفهام حول استمرار المغرب في نهج سياسة “متساهلة” تجاه ظاهرة الهجرة غير النظامية، وفق تعبير عدد من المتابعين.

النقاش امتد ليشمل أبعادا أعمق، من بينها تحول المغرب من بلد عبور إلى محطة استقرار دائم لعدد من المهاجرين، إضافة إلى بروز بعض التعبيرات التي وصفت بالعنصرية، ما دفع فاعلين حقوقيين إلى التنبيه بخطورة الخطاب الإقصائي، في وقت يعيش فيه ملايين المغاربة أوضاعًا مماثلة في بلدان المهجر.

وسلط عدد من المعلقين الضوء على الطابع الجماعي لتحركات المهاجرين وممارساتهم اليومية، بما فيها السكن والنشاط الثقافي، معتبرين ذلك سلوكا غير مألوف داخل النسيج المحلي. لكن هذا الطرح قوبل برأي مغاير من قبل مختصين، اعتبروا الأمر امتدادًا طبيعيا للثقافات الأصلية لهؤلاء، وتعبيرا عن التماسك الاجتماعي الذي يلجؤون إليه في ظل الغربة والظروف الصعبة.

في هذا السياق، قال عبد الله مهماوي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم اشتوكة آيت باها، إن “الحديث عن التهديد لا يجب أن ينزلق إلى خطاب عنصري، فالمهاجرون غالبًا ما يكونون ضحايا أزمات سياسية واقتصادية ببلدانهم”، مؤكدا في الوقت ذاته ورود شكايات من بعض المواطنين حول تورط أفراد من هذه الفئة في سلوكيات مخالفة للقانون، وهو ما يستوجب، حسب قوله، تدخلا أمنيا حازما لتفادي أي توتر اجتماعي.

ورغم ذلك، شدد مهماوي على أن معالجة هذه الظاهرة لا يمكن أن تتم بمنطق الإقصاء أو التمييز، لأن “الهجرة في جوهرها قضية إنسانية، يعيش المغاربة أنفسهم تفاصيلها في الخارج”، على حد تعبيره.

من جهته، اعتبر خالد مونة، الباحث المتخصص في قضايا الهجرة، أن ما تشهده جهة سوس ماسة من تحركات مكثفة للمهاجرين ليس حالة استثنائية، بل يعكس تفاوتات مجالية على المستوى الوطني.

وأشار إلى أن هذه الديناميات يمكن أن تحمل نتائج إيجابية وسلبية في الآن ذاته، موضحا أن التراكم الكبير لليد العاملة لا يقابله استيعاب مؤسساتي كاف في ما يخص السكن والخدمات الأساسية.

ورأى مونة أن المهاجرين غالبا ما يسعون إلى إعادة تشكيل فضاء ثقافي خاص بهم في المجتمعات المستقبِلة، وهو سلوك طبيعي، لكنه يكشف في المقابل عن غياب سياسات محلية واضحة لتدبير التعدد والاختلاف.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close