دوليسياسة

تحالف مغربي-أمريكي جديد: الرباط تتصدر المشهد الإقليمي وتزاحم الجزائر

في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها المشهد الجيوسياسي في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كفاعل إقليمي محوري، من خلال شراكة استراتيجية متينة مع الولايات المتحدة الأمريكية. شراكة تتجاوز التعاون العسكري التقليدي، لتشمل مجالات الاستخبارات، الأمن السيبراني، التجارة، ومكافحة الإرهاب، ما يعزز من حضور الرباط في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.
وحسب تقرير حديث نشره موقع “GEOPOL 21” الإسباني، شهدت العلاقات المغربية-الأمريكية خلال عام 2025 طفرة نوعية، تجسدت في توقيع اتفاقيات متقدمة في ميادين الدفاع، تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتكنولوجيا الابتكار، الأمر الذي جعل من المغرب الشريك الأول لواشنطن في منطقة المغرب العربي.
ولا تنحصر أهمية هذا التحالف في البعد الثنائي فحسب، بل تتجاوزه إلى سياق أوسع، يرتبط بالصراعات الإقليمية والتحديات العابرة للحدود، وفي مقدمتها تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل، إلى جانب تزايد النفوذ الروسي والصيني في القارة الأفريقية. وفي هذا الإطار، ترى الولايات المتحدة في المغرب شريكا موثوقا وقادرا على لعب دور محوري في دعم الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تدهور الوضع الأمني في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ويعول صانع القرار الأمريكي على الرباط كقاعدة آمنة لتنسيق العمليات الاستخباراتية، ورصد التحركات الإرهابية العابرة للحدود، فضلا عن كونها جبهة متقدمة لمواجهة تنامي الحضور الروسي-الصيني في المنطقة. في المقابل، يعتبر المغرب هذا التحالف فرصة استراتيجية لترسيخ موقعه كقوة صاعدة في شمال أفريقيا، مستفيدا من تراجع الدور الإقليمي للجزائر، التي تواجه أزمات داخلية وعزلة دبلوماسية متزايدة.
ويعكس هذا التقارب المغربي-الأمريكي التحولات الجوهرية في موازين القوى بالمنطقة. ففي الوقت الذي تراهن فيه الجزائر على تعميق تحالفاتها مع موسكو وبكين، مع استمرار برود علاقاتها مع واشنطن، يواصل المغرب تعزيز انخراطه ضمن المنظومة الغربية، أمنيا واقتصاديا وسياسيا، مدعوما باستقراره السياسي النسبي وانفتاحه المتواصل على التكنولوجيا والابتكار.
ومع تزايد عمق هذا التحالف، يرسخ المغرب مكانته كنقطة ارتكاز رئيسية للولايات المتحدة في شمال أفريقيا، متقدما تدريجيا على الجزائر كشريك أول لواشنطن بالمنطقة. وهو تحول استراتيجي قد تكون له انعكاسات بعيدة المدى ليس فقط على العلاقة بين الرباط وواشنطن، بل على التوازنات الإقليمية برمتها.
وفي ظل هذا الواقع الجديد، يتجاوز التعاون المغربي-الأمريكي الإطار الأمني إلى شراكة استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، في وقت تزداد فيه التحديات الجيوسياسية تعقيدا في أفريقيا والشرق الأوسط. ومع استمرار الرباط في تعزيز نفوذها، يبدو أن واشنطن راضية تماما عن هذا الدور الجديد لحليفها المغاربي، ضمن معادلة جديدة مرشحة لإعادة رسم خريطة النفوذ في شمال أفريقيا لعقود قادمة.
فاطمة الزهراء الجلاد.

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close