اقتصاد
تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة في الانتقال الطاقي: الهوة بين الخطاب والواقع

كشف تقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 حول “تعزيز الانتقال الفعال للطاقة” عن تحديات حقيقية تواجه المغرب في مسار تحول قطاع الطاقة. وبحسب التقرير، حل المغرب في المرتبة 70 من بين 120 دولة شملها التصنيف، محققًا مجموع نقاط بلغ 53.7، أي أقل من المتوسط العالمي المحدد في 56.9 نقطة.
هذه النتائج، التي جاءت دون التوقعات، تضع علامات استفهام حول مدى تطابق الخطاب الرسمي مع الحقائق الميدانية. فرغم ما يروج له من إنجازات وطموحات كبيرة في مجال الطاقات المتجددة، لا تزال الصورة الواقعية للمزيج الطاقي الوطني بعيدة عن المثال الذي تسعى الحكومة إلى تقديمه.
في هذا السياق، صرح الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، بأن المغرب ما يزال يعتمد بشكل شبه كلي على الطاقات الأحفورية، والتي تمثل حوالي 90% من المزيج الطاقي الوطني. وأوضح أن استهلاك المغرب من المنتجات البترولية والفحم الحجري والغاز الطبيعي يصل إلى نحو 24 مليون طن من المكافئ النفطي سنويًا، مما يعكس تبعية قوية للطاقات التقليدية.
وأشار اليماني إلى أن الأولوية الراهنة يجب أن تتركز على تأمين الحاجيات الوطنية من الطاقات الأحفورية، خاصة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والصراعات الدولية حول مصادر الطاقة. واعتبر أن إعادة تشغيل مصفاة المحمدية المهملة يشكل خطوة ضرورية لتعزيز الأمن الطاقي الوطني وتقليص التبعية للخارج.
وعن واقع الطاقات المتجددة، دعا اليماني إلى مراجعة شاملة للسياسات والبرامج المعتمدة، مؤكداً أن التطورات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها تقنيات الدمج النووي، قد توفر بدائل أكثر نجاعة من المشاريع القائمة على الطاقات الشمسية والريحية، التي تتطلب مساحات شاسعة واستثمارات ضخمة.
كما عبر اليماني عن تحفظه إزاء الترويج المكثف لمشاريع الهيدروجين الأخضر، مشدداً على أن هذا القطاع لا يزال في حاجة إلى المزيد من التجارب الميدانية الناجحة لإثبات جدواه الاقتصادية وضمان معايير السلامة، بعيداً عن الشعارات الإعلامية التي لا تستند إلى معطيات عملية ملموسة.
في المحصلة، يبدو أن المغرب أمام لحظة مفصلية تتطلب إعادة تقييم شاملة لمساره الطاقي، والبحث عن حلول متوازنة بين الطموحات المعلنة والحاجيات الواقعية، بما يضمن انتقالاً طاقياً فعالاً ومستداماً، في انسجام مع متطلبات التنمية الاقتصادية والأمن الطاقي الوطني.
فاطمة الزهراء الجلاد.