اقتصاد
المغرب والتشيك يتعاونان لإنتاج الماء من الهواء: شراكة تكنولوجية مبتكرة لمواجهة ندرة المياه

في خطوة رائدة تعكس التزام المغرب بتعزيز الأمن المائي والتكيف مع التغيرات المناخية، تم، اليوم الأربعاء بالرباط، توقيع اتفاقية إستراتيجية بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة وسفارة جمهورية التشيك بالمملكة، ممثلة لوزارة الشؤون الخارجية التشيكية، وذلك في إطار برنامج الدعم الإنمائي “CzechAid”. الاتفاقية تروم إطلاق مشروع تجريبي لاستخلاص الماء من رطوبة الهواء، باستخدام تقنية مبتكرة ومنخفضة الكربون تعرف بـ Atmospheric Water Generation (AWG).
تكنولوجيا واعدة في مواجهة ندرة المياه
ويهدف هذا المشروع، الذي يحمل عنوان “معدات إنتاج الماء من الهواء لفائدة المغرب”، إلى تجريب جهازين ميدانيين صمما من طرف شركة Czechoslovak Export a.s التابعة للمجموعة الصناعية الأوروبية الرائدة CSG. وتعتمد الأجهزة على نظام متنقل حاصل على براءة اختراع يعرف باسم Emergency Water from Air (EWA)، تم تطويره من قبل المركز الجامعي للبنايات الموفرة للطاقة التابع لجامعة التقنية التشيكية في براغ، ويصنع من طرف شركة KARBOX s.r.o، عضو المجموعة ذاتها.
هذه التقنية تسمح بإنتاج مياه صالحة للشرب انطلاقًا من رطوبة الجو، بشكل مرن، لامركزي، ونظيف، ما يجعلها مناسبة للمناطق التي تعاني من نقص في الموارد المائية والبنية التحتية، خصوصًا في المناطق القروية والجافة.
رؤية مشتركة من أجل تنمية مستدامة
في تصريح له بالمناسبة، أكد سمير الرشيدي، المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، أن المشروع لا يقتصر فقط على تجريب تكنولوجيا واعدة، بل يُجسد رؤية مشتركة بين المغرب والتشيك تؤمن بأن البحث العلمي والابتكار هما ركيزتان أساسيتان للتنمية المستدامة. وأضاف أن هذه المبادرة تُعزز التزام المعهد بمواكبة الانتقال الطاقي في المملكة، وبناء شراكات دولية قائمة على العلم والتقنية.
من جهته، عبر لاديسلاف شكيريك، سفير جمهورية التشيك لدى المغرب، عن فخر بلاده بمواكبة هذا المشروع عالي الأثر، مؤكداً أن “التعاون بين التشيك والمغرب يمثل نموذجًا حيا لشراكة موثوقة مبنية على الابتكار والتضامن”، ويجمع بين الخبرة التقنية التشيكية والتجربة المغربية في مجالات التنمية والبيئة.
من التجريب إلى التوسع الإقليمي
من المقرر أن يتم تركيب الوحدتين التجريبيتين خلال الفصل الرابع من سنة 2025، يعقب ذلك تتبع تقني وتحليل للبيانات يمتد لسنتين، بهدف تقييم الأداء العملي للمنظومة واستكشاف إمكانيات التوسع على نطاق وطني وإقليمي. كما ستوفر هذه المرحلة أساسًا علميًا لتحديد سبل إدماج التقنية في النسيج الصناعي المغربي، لاسيما في مجالات الاقتصاد الأخضر.
وتكمن أهمية المشروع في كونه يتقاطع مع ثلاثة محاور حيوية في النموذج التنموي الجديد للمملكة: الأمن المائي، الابتكار الطاقي، والتكيف مع التغيرات المناخية، كما يُتيح فرصًا واعدة لنقل المعرفة وبناء القدرات البشرية، فضلًا عن تعزيز الشراكة بين الفاعلين العموميين والخواص في البلدين.
المغرب رائد في الحلول البيئية الذكية
بهذا المشروع الطموح، يعزز المغرب مكانته كفاعل إقليمي في تبني الحلول التكنولوجية البيئية الذكية لمواجهة التحديات المناخية، ويفتح آفاقًا جديدة أمام التعاون جنوب-شمال في مجالات الابتكار المستدام. كما يُمهد الطريق نحو تحقيق مرونة مائية واقتصادية أكبر، خاصة في المناطق الهشة، ما يجعل من هذه المبادرة أكثر من مجرد تجربة تقنية، بل حجر أساس في مستقبل السيادة البيئية للمملكة.
فاطمة الزهراء الجلاد.