اقتصادمجتمع

المغرب في قلب الثورة الرقمية العالمية: عمر هلال يكشف طموحات المملكة في حكامة الذكاء الاصطناعي

أكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن المغرب بات من بين أبرز الفاعلين الدوليين في دينامية الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل رؤية ملكية طموحة تُراهن على دبلوماسية استباقية واستشرافية تروم تحقيق السيادة الرقمية، وتعزيز التنمية المستدامة في إفريقيا والعالم.

خلال مداخلته ضمن مائدة مستديرة بعنوان “تعددية الأطراف أم سباق نحو الذكاء الاصطناعي.. أي حكامة عالمية في عالم مجزأ؟”، والمنظمة على هامش المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي بسلا، أوضح هلال أن المملكة اختارت المضي قدمًا بشراكات دولية ذكية، تجمع بين الانخراط في المبادرة الصينية والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، وهو ما يعكس رغبة المغرب في ألا يكون على هامش هذه الثورة التكنولوجية المتسارعة.

وسجل هلال أن المغرب لا يسعى فقط للاستفادة من الذكاء الاصطناعي، بل يطمح إلى أن يكون طرفًا فاعلًا ومؤثرًا في صياغة معايير حكامته العالمية. ومن أبرز المحطات في هذا المسار، المشاركة المغربية الفاعلة في إعداد أول قرار أممي مشترك حول الذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع الولايات المتحدة، والذي تم اعتماده بالإجماع في الأمم المتحدة، ويضع الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية المستدامة.

وفي سياق هذه الدينامية الدولية، أسس المغرب، رفقة واشنطن، مجموعة أصدقاء الأمم المتحدة من أجل الذكاء الاصطناعي للتنمية المستدامة، وهي منصة متعددة الأطراف لتعزيز التفكير المشترك والتعاون بين الدول حول القضايا المعقدة لهذا المجال، في أفق خلق آليات عادلة وديمقراطية للولوج إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كما كشف السفير المغربي أن عددا من دول آسيا الوسطى طلبت من الرباط مواكبتها في صياغة أول قرار لها بشأن الذكاء الاصطناعي، في إشارة قوية إلى المكانة المتزايدة للمغرب كفاعل مرجعي في الحقل التكنولوجي على المستوى الدولي.

وتعزز المملكة هذا التموقع عبر مشاركتها في بلورة الشروط المرجعية للفريق العلمي الدولي المستقل المعني بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب مساهمتها في التحضير للحوار العالمي حول حكامة هذا القطاع، وهي خطوات تؤكد الانخراط الجاد للمغرب في صياغة المستقبل الرقمي للعالم.

على المستوى القاري، أشار هلال إلى أن المغرب يسعى إلى تقديم أول قرار أممي يعكس انشغالات وتطلعات إفريقيا بشأن الذكاء الاصطناعي، انسجامًا مع “إعلان الرباط” الصادر عن المنتدى الإفريقي رفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي، والذي دعا إلى ذكاء اصطناعي سيادي وأخلاقي يتماشى مع أولويات القارة.

وتتجلى الأبعاد الاستراتيجية لهذا التوجه الرقمي المغربي في المشاريع البنيوية الكبرى التي تم إطلاقها، أبرزها المركز الدولي للذكاء الاصطناعي “AI Movement” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، والمركز المرتقب في الداخلة، إلى جانب أول قطب تكنولوجي إقليمي بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لفائدة البلدان العربية والإفريقية.

كما أعلن هلال أن المغرب سيرأس بشكل مشترك منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار لعام 2025، في تأكيد إضافي على الموقع الريادي للمملكة في صياغة السياسات الدولية المرتبطة بالتحول الرقمي.

ويأتي هذا الزخم في إطار الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030”، المدعومة بغلاف مالي يصل إلى 11 مليار درهم، والتي تجعل من المملكة واحدة من أربع دول إفريقية فقط تتوفر على خطة استراتيجية واضحة المعالم في هذا المجال.

وفي ختام كلمته، لم يُخفِ عمر هلال طموح المغرب في احتضان قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي لسنة 2027، بعد نجاح النسخة الأولى في باريس سنة 2025، وتلك المرتقبة في نيودلهي سنة 2026، مؤكداً أن الإشعاع التكنولوجي الوطني يؤهّل المملكة لهذا الموعد، ويعزز موقعها كقوة إقليمية رقمية صاعدة.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close