دولي
البرلمان المغربي يشارك في الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: حضور فاعل في سياق دولي معقد

في ظل التحولات الدولية العميقة، وتزايد التحديات الأمنية والإنسانية عبر القارتين الأوروبية والآسيوية، شارك وفد برلماني مغربي رفيع المستوى في أشغال الدورة السنوية الـ32 للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، المنعقدة بمدينة بورتو البرتغالية، ما بين 29 يونيو و03 يوليوز الجاري، تحت شعار: “إحياء الذكرى الخمسين للوثيقة الختامية لهلسنكي: الاستجابة لواقع جديد في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.
تأتي مشاركة الوفد المغربي، الممثل لمجلسي النواب والمستشارين، في وقت تتعاظم فيه الأزمات الجيوسياسية والتهديدات الأمنية في العالم، وخاصة داخل الفضاء الأوروبي ومحيطه المتوسطي. وتعتبر هذه الدورة مناسبة استراتيجية لإبراز موقف المغرب من القضايا الدولية، وتكريس حضوره كشريك نشيط في الحوارات متعددة الأطراف، رغم كونه ليس عضواً كاملاً في المنظمة، بل يتمتع بصفة شريك من أجل التعاون.
جدول أعمال حافل بقضايا راهنة
تتوزع أشغال الدورة على مناقشة تقارير ومشاريع توصيات صادرة عن اللجان الثلاث الأساسية داخل الجمعية: لجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان والقضايا الإنسانية، لجنة الشؤون الاقتصادية والبيئة والتكنولوجيا، ثم لجنة الشؤون السياسية.
وقد ركزت المناقشات على القضايا التالية:
– تداعيات الأزمات الأمنية والسياسية في أوروبا والشرق الأوسط، خصوصاً الحرب في أوكرانيا وتنامي التوترات الإقليمية.
– التحولات المناخية وأزمة الهجرة،وسبل التعاطي معها وفق نهج إنساني وتشاركي.
– حماية حقوق الإنسان خلال الأزمات، إلى جانب التشديد على حرية الصحافة والتعبير باعتبارها دعامة جوهرية للديمقراطية.
دبلوماسية برلمانية لتعزيز الشراكات
لم تقتصر مشاركة الوفد المغربي على الحضور في الجلسات العامة، بل تعدتها إلى لقاءات جانبية مع نظرائهم من مختلف الدول الأعضاء، حيث جرى تبادل الرؤى ووجهات النظر حول تحديات الأمن الإقليمي، ومجالات التعاون الممكنة، لاسيما في ما يتعلق بقضايا الهجرة، ومكافحة التطرف، والطاقة، والتنمية المستدامة.
ويمثل المغرب في هذه الدورة كل من النواب:
– مروان شبعتو (فريق التجمع الوطني للأحرار)
– خليد حاتمي (فريق الأصالة والمعاصرة)
– نجيب الخالدي (الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية)
إلى جانب المستشارين:
– محمد حنين (فريق التجمع الوطني للأحرار)
– محمد آيت اصحا (فريق الأصالة والمعاصرة)
قراءة في أهمية المشاركة
تحمل مشاركة المغرب في هذه التظاهرة البرلمانية بعدين أساسيين:
أولا؛ بعد رمزي وسياسي، يتمثل في التأكيد على التزام المغرب بقيم الحوار والتعاون الدولي، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة الأوروبية.
ثانيا؛ بعد عملي واستراتيجي، يكرس الانخراط المغربي المتزايد في الفضاءات متعددة الأطراف، ويفتح آفاقاً جديدة لتقوية علاقاته الثنائية والبرلمانية مع الدول الأوروبية والبلقان.
وفي زمن تتصارع فيه الأزمات وتتهدد فيه المنظومة الدولية القائمة على الحوار والتفاهم، يظهر المغرب كفاعل متزن يحسن استخدام أدوات الدبلوماسية البرلمانية لتعزيز مصالحه، والانخراط في معالجة التحديات العالمية بروح مسؤولة. ومشاركته في الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ليست فقط تأكيدًا لحضوره، بل أيضاً مساهمة منه في إعادة رسم ملامح التعاون الدولي على أسس أكثر شمولاً وعدالة.
فاطمة الزهراء الجلاد.