رياضة

ياسين بونو.. الهادئ الذي يوقف زحف العواصف

في كرة القدم، هناك من تكتب أسماؤهم بالأهداف، وهناك من تروى حكاياتهم بالتصديات. ياسين بونو، الحارس المغربي، ينتمي إلى الفئة الثانية. قليل الكلام، بعيد عن الضجيج، لا يركض نحو الأضواء، لكنها تتبعه في كل مكان. وحين يقف بين الخشبات الثلاث، يصمت الجميع.

في كأس العالم للأندية 2025، وعندما واجه الهلال السعودي مانشستر سيتي، اجتمعت الصحف العالمية على عناوين مدهشة: “بونو من كوكب آخر”، “الحارس الذي قهر الأبطال”، “يد من نار وقلب من ثلج”. في تلك الليلة، لم يكن بونو مجرد لاعب، بل أسطورة تنسج ملامحها بلقطة تلو أخرى.

ولد بونو في مونتريال الكندية في 5 أبريل قبل 34 عامًا، لكنه نشأ في حي بنجدية بالدار البيضاء، حيث اختارته كرة القدم مبكراً لتأخذه من الأزقة إلى أكاديمية الوداد، ومنها إلى الفريق الأول، حيث سطع نجمه لأول مرة سنة 2011، حين استغل غياب الحارس نادر المياغري ليخوض نهائي دوري أبطال إفريقيا أمام الترجي في رادس.

لم يكن مرشحاً للبروز، حارس طويل القامة، هادئ، بملامح خجولة، لكنه حمل في داخله مشروعاً صلباً. شدّ الرحال مبكرًا إلى أوروبا، وبدأ رحلة الصعود: من أتلتيكو مدريد “ب”، إلى سرقسطة ثم جيرونا، حتى وصل إلى إشبيلية، حيث تحوّل إلى أيقونة. هناك، نال جائزة “زامورا” كأفضل حارس في “الليغا”، وتوّج بالدوري الأوروبي، وأصبح اسماً لا يُنسى.

لكن المجد الأكبر جاء في مونديال قطر 2022. تصديات تاريخية، أداء ملحمي، وقيادة هادئة قادت المغرب إلى نصف النهائي للمرة الأولى في التاريخ. بونو أعاد تعريف الحارس العربي، ووضع بصمته في القمة، بعدما حلّ في المرتبة 13 بجائزة الكرة الذهبية سنة 2023.

في صيف 2023، انضم إلى الهلال السعودي. في البداية، بدا انتقاله خطوة مفاجئة، لكن سرعان ما تحوّل إلى “صفقة الموسم”. في عامه الأول، حصد كل شيء: الدوري، الكأس، السوبر. لم يأت فقط للفوز، بل لصناعة التاريخ.

أمام مانشستر سيتي، كان بونو جداراً لا يُخترق. عشر تصديات، بعضها خارق، بين انفرادات سافينيو وتسديدات فودين. باليد، بالقدم، بالجسد، وحتى بالنظرة. الهلال فاز 4-3 بعد التمديد، لكن العنوان كان واحدًا: بونو هو البطل.

بونو ليس مجرد حارس. هو “قائد بلا شارة”، “جدار بلا شقوق”، “أمان لفريق بأكمله”. في كل نادٍ مرّ به، ترك بصمة. في كل بطولة، كتب اسمه. وفي كل لحظة حاسمة، كان الحاسم.

ياسين بونو لم يركض نحو المجد. بل المجد هو من سار خلفه. من دروب بنجدية إلى ملاعب العالم، من أكاديمية الوداد إلى مرمى الهلال، من التألق في الظل إلى الوقوف في القمة… هذا ليس مجرد حارس. إنه أسطورة تتنفس بهدوء، ويهتف لها الجميع بصوتٍ عالٍ.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close