حمزة لخضر
فعلها الفيسبوك..ونجح الفايسبوكيون في إخراج الأزمي من مصباحه، ليس لتحقيق الآمال العريضة ولا لدعم الأمنيات البسيطة، ولكن للدفاع عن وسادة الرِّيش النَّاعم التي سحبها “الفسابكة” من تحت رأسه فانتفض وأرغد وأزبد وتَوَعَّد، وخرجت من فمه “الْكشاكش”، وضرب بقبضة يده على الطاولة، ولم يتألم من الضربة، ولم تتأثر الطاولة رُبَّما لأنَّها مصنوعة من أجود أنواع الخشب.
نعم إنَّه نفسه الأزمي الذي جاء لمدينة فاس فاتِحاً متَأبِّطاً وعودًا كثيرة بالإصلاح وإخراج المدينة من النفق الذي تعيش فيه منذ سنوات طويلة، لكن وأمام صعوبة التَّنَقُّل بين فاس والرباط، وربما لأن أضواء الرباط تَشُدُّ أكثر من عتمة فاس لم يظهر الأزمي بمكتبه “بشانت كورس” كثيرا، قبل أن يطول الغياب ويغني أهل فاس “شمس العشية” طويلا طويلا طويلا.
ظهر الرجل غاضبًا متوعدًا وداعيًا للوقوف في وجه حزب النَّاس على الفيسبوك، نعم هو نفسه الفيسبوك الذي يضم كتائب إلكترونية للبيجيديين بآلاف الحسابات، يضربون ضربة رجل واحد كلما أشار عليهم سَيًِّدُهم بذلك، وكل من كتب ضد العدالة والتنمية (النسخة المغربية) يُتَّهَمُ بأنه قلم مأجور ومدفوع ومرتزق وعضو ميلشيا هدفها عرقلة الإصلاح الذي تقوده حكومة الطبيب الفقيه، تمامًا مثلما تفعل قنوات إعلام الدول التي ترزح تحت حكم الديكتاتور، مُتناسين أننا ولله الحمد نعيش في مغربٍ مُشرِقٍ بالمقارنة مع غيره.
شخصيا لم أتوقع يوما أن يظهر إدريس الأزمي الإدريسي صاحب الاسم الفخم والممتد بِعراقة في صورة المدافع الذَّائِدِ عن “ريع” البرلمانيين، وتساءل الرجل بصراخ انتفخت له الأوداج “واش بغيتونا نخدمو بيليكي”، واضعا نفسه وأصدقاءه من البرلمانيين و “البرمائيين” مع الموظفين والمُدراء متناسيا أن هذه المقارنة حرام أخلاقيا ولا تجوز وغير سليمة ولا يقبلها المنطق ولا ينطق بها عاقل فكيف برجل في مكانة الأزمي.
لا يمكن لك سيدي أن تضع نفسك مع هؤلاء لأن “تَبْرْلَمانيت” ليست مهنة تدفع لها “بكونكور” وترسل “CV” ديالك ثم تأتي مرحلة “سيليكسيون” ويليه الشفوي والكتابي وألف مبروك والله يبارك فينا.
“تبارلمانيت” في الأصل مهمة تطوعية يَدخلها البرلماني عن طيب خاطر ويسعى لكسب ثقة الناس لتمثيلهم ونقل أسئلتهم والتعريف بأبسط حاجياتهم، وليست مهنة للِتَّكَسُّبِ منها والاستفادة من عائداتها ومن سياراتها و بنزين سياراتها و “أوطيلاتها” وشهريتها “المنفوخ فيها أصلا” ثم من معاشها الطويل الذي لا ينتهي.
كنا نُمَنِّي النفس أن تكون انتفاضتك تلك في وجه الريع والفساد وفضح المتواطئين بالصمت أو القول في عرقلة قطار التنمية بفاس التي طويت صفحتها و وضعتها في جيب “الفيستة” الداخلي.
كنا نُمَنِّي النفس أن يكون صراخك في وجه ناهبي المال العام وسارقي الآمال والطموحات وأصحاب الرشاوى والأظرفة الغير مُتَنْبَرة تلك التي تُمرَّرُ تحت الطاولة.
كُنَّا نُمَنِّي النفس أن تكون ضربتك على الطاولة ضربة في خاصرة الريع نفسه والوقوف في وجه الذين أرهقوننا بالضرائب والاقتطاعات وفي كل مرة يخرجون علينا بسبب وبرقم وبكلام خشبي ولغة لا تفهمها عائلتي البسيطة جدا.
كُنّنا نُمَنِّي النفس أن تكون صرختك في موضعها ومكانها، لكنها خرجت للمصلحة الشخصية لا للمصلحة العامة ولا نحتاج لمن سيقول لنا أنه قد تم اجتزاء كلام الرجل النقي من النقاء والأشرف من الشرف مثلما فعل معك أخوك في الحِزب حامي الدين وحاميك أنت.
أرجو في نهاية هذه السطور ألا تعتبروا ما كتب بها هنا دفْعٌ من جهة ما، ولا تكالُبٌ ولا استهدافٌ ولا تصفية لحسابات تدور في خلد بعض البيجيديين الذين وللأسف استحوذت عليهم نظرية المؤامرة.
وحدها الانتخابات من قد تضع حدا لاستمراركم في تجاهل الناس، وآنذاك لن تنفع مصطلحات “ديبشخي” و”بيليكي”، ووحدهم الناس من سيقررون إن كنتم لقرارهم من الأصل تأبهون.
وبعد كل هذا لا نملك إلا الدعاء في أن يجعل الله السنوات العجاف التي تسيَّدتُم فيها المشهد مطهرة للقلوب ومغفرة للذنوب.