في بداية كل موسم دراسي، تعرف العديد من المؤسسات التعليمية والمعاهد العليا بالمغرب ظاهرة ” البيزوطاج”، بحيث يلجأ بعض الطلبة القدامى إلى إجبار الطلبة الجدد الوافدين على هذه المؤسسات والمعاهد العليا على الخضوع للعديد من الطقوس تكون محرجة ومذلة أحيانا، وطريفة أحيانا أخرى، بدعوى إدماجهم بسرعة في المحيط الدراسي، كأن يفرض طلبة السنة الثانية والثالثة على الطلبة الجدد وضع مساحيق التجميل بطريقة مثيرة، أو إرغامهم على حلق رؤوسهم بطرق غريبة، والرشق بالبيض والدقيق.
النموذج استقيناه من المدرسة الوطنية العليا للمعادن بالرباط، التي يعيش طلبتها على وقع عادات وممارسات عديدة يفاجأ بها الطلبة الجدد، وتتير غضب البعض منهم، حيث قال الطالب (ن.د) في تصريحه لنا : “الشكل الذي يمارس به البيزوطاج في بعض المدارس بعيد كل البعد عن الأهداف، التي تبرر هذه الممارسات و هي تحقيق الإندماج السريع في المؤسسة، و لعل أسبوع تواصلي بين الطلبة القدامى و الطلبة الجدد أو القيام بأمسيات ترفيهية أحق و أجدر نفعا من ممارسات صبيانية وعدوانية، في بعض الأحيان تدخل في إطار التنمر الذي يعاقب عليه القانون”.
وإذا كان البعض يرفض هذه السلوكيات، ويعتبرها نوعا من الإعتداء على حقوق الإنسان، فإن طلبة آخرين يقبلون هذه الممارسات ويعتبرونها طبيعية، مادامت لا تصل إلى الاعتداء الجسدي والنفسي، حيث قالت الطالبة (ش.ح) التي تدرس بنفس المعهد المذكور : “في بداية الأمر كنت متخوفة من أيام البيزوطاج، لكن عندما حضرت وشاركت الطلبة في طقوس هذه الظاهرة وجدتها مفيدة لنا كطلبة جدد، حيث تساعدنا على الإندماج في المحيط الدراسي الجديد”
وفي ذات السياق ذاته، أكد بعض طلبة السنة الأولى على أن الادارة على علم بكل مايجري من ممارسات لا أخلاقية، الا أنها تتغاضى على ذلك، كما أكدوا على أنهم أجبرو من طرف بعض الطلبة على القيام بأمور خطيرة، من قبيل شرب الخمر، وتعاطي المخدرات تحت حجة “البيزوطاج”، الأمر الذي قد تسبب في عرقلة السير العادي للدراسة، كما أجبر العديد من الطلبة على تجنب الحظور طيلة مدة “البيزوطاج”، والتي تتجاوز في غالب الأحين مدة شهر في المدرسة الوطنية العليا للمعادن بالرباط، حسب قول أحد طلبة هذا المعهد.
ومن جهته أدلى محمد سالم البيهي رئيس منظمة الحق والديمقراطية بمدينة العيون بتصريح خص به موقع le 7tv، حيث عبر عن موقفه من هذه ظاهرة :”أعتبر بأن هذه التصرفات والأفعال جزء من عملية نضج الشاب والشابة وتحول في نمط التفكير، مالم تخرج عن المعتاد، أما إذا خرجت عن الحد المقبول كما حدث في بعض المؤسسات الجامعية، فإنها تصبح ظاهرة مرضية يجب التصدي لها بقوة”، وتابع محمد سالم البيهي ” أنا أشدد على أن تحترم كرامة وحرية الشخص في جميع الأنشطة والأعمال، باعتبار الكرامة والحرية الشخصية أساس حقوق الانسان”.
و أشار محمد سالم البيهي إلى أن ظاهرة “البيزوطاج” تعود إلى تعاملات الجنود القدامى مع رفاقهم الجدد، وانتقلت إلى المؤسسات والمعاهد العليا بالمغرب، وتابع: “حسب بحثي وجدت أن هذه الظاهرة تعني باللغة العربية التحرش، وتعود إلى منتصف القرن الماضي حين نشأت هذه الظاهرة في مخيمات الشباب ومعسكرات المتدربين بأوروبا، وهي تعبير من الطلاب والجنود القدماء، عن قوتهم وفرض سيطرتهم على الطلاب المستجدين حديثي الانتساب، وتتنوع وتختلف تجليات “البيزوطاج” من مؤسسة إلى أخرى، ومن فترة إلى فترة ومن جنس لجنس اخر”.
عموما تبقى ظاهرة “البيزوطاج” من العادات التي يمارسها طلبة المدارس والمعاهد العليا في بداية كل موسم دراسي، منهم من يحبد طقوسها ومنهم من يستنكر هذه الممارسات.