جدل كبير بين حقوقيين ومحامين بسبب إدماج العقوبات

أثيرت بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، مؤخرا، واقعة غريبة، بعد إصدار قرارين متناقضين، في ظرف 24 ساعة، إذ قضت غرفة الجنايات الاستئنافية، بقبول طلب إدماج عقوبات أحد الأشخاص، بينما رفضت طلب متقاضي آخر، رغم أنهما أدليا بنفس الوثائق، ما خلق احتقانا لدى دفاع المتهم، بسبب التمييز بين المتقاضين والمس بحق الأفراد في الولوج إلى العدالة الدستورية.

وطالب محامون بتدخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة للحد من تباين الاجتهادات داخل نفس الدائرة القضائية، حيث رفضت هيئة قضائية بالقاعة 9، طلب إدماج العقوبات في ملف مستوفي جميع الشروط، بمبرر انعقاد الاختصاص للنيابة العامة، رغم أن الطلب الأصلي قد أحالته الأخيرة، وبعد مرور 24 قررت هيئة اخرى في نفس القاعة 9 بإدماج عقوبات في ملف آخر، وهو ما لم تستوعبه هيئة دفاع المتهم المتضرر.

واعتبر حقوقيون بالدارالبيضاء، أنه باستقراء مقتضيات الفصلين 119 و 120 من القانون الجنائي، نجد أن إدماج العقوبات باعتباره مسألة قانونية تثير إشكاليات التأويل القانوني والممارسة، وذلك بهدف تحقيق العدالة والمساواة والإنصاف، وضمان كافة شروط المحاكمة العادلة بما في ذلك ترتيب العقوبة المناسبة صيانة للحقوق الحريات.

وأضاف المتحدثون، أن مثل هذه “القرارات القضائية المتباينة” تجعل من موضوع إدماج العقوبات من أشد المواضيع تعقيدا داخل المنظومة الجنائية المغربية، والتي لم يفصل فيها المشرع الجنائي، مما فتح الباب على مصراعيه للاجتهاد والتضارب على مستوى الممارسة العملية داخل المحاكم المغربية.

وسبق لمدير الشؤون الجنائية والعفو، هشام ملاطي، تناول هذه المسألة معتبرا إياها من أهم الإشكالات المثارة على مستوى الممارسة سواء من حيث توضيح شروط تطبيق قاعدة الإدماج وحكمها القانوني خلال مرحلتي المحاكمة أو التنفيذ أو من حيث عرض مسطرة تطبيقها، من خلال مواقف الفقه الجنائي وما استقرت عليه ردود القضاء خاصة العمل القضائي لمحكمة النقض المغربية.

ولاحظ الأستاذ الملاطي أنه على مستوى الممارسة، لم تكن النيابة العامة تلجأ إلى آلية إدماج العقوبات، بل إنها كانت تحيل طلب الإدماج المحال عليها على غرفة المشورة. وعبر عن أمله في أن تبادر النيابات العامة تلقائيا بتدبير هذه الآلية عوض انتظار تلقي طلبات الإدماج، من خلال قيام المسؤولين على النيابات العامة بمكاتبة المؤسسات السجنية، بشكل دوري، من أجل إحالة عليها الحالات التي من المحتمل أن تستفيد من الإدماج.