” الناس لملاح”: مسلسل يعيد إحياء قيم التعايش والتنوع في المجتمع المغربي

مسلسل “الناس لملاح”، الذي يبث كل خميس على القناة الثانية المغربية، حقق نجاحاً كبيراً منذ عرض أولى حلقاته، مسجلاً نسب مشاهدة عالية، مما يعكس تفاعل الجمهور المغربي مع قصته وشخصياته. المسلسل يتميز بتقديمه تيمة جريئة في الدراما المغربية من خلال تسليط الضوء على شخصية “مسعودة”، وهي شخصية حقيقية تعود للمرأة اليهودية المغربية التي كانت تعيش في حي درب لعلوج بمدينة الصويرة.

إيفا قادوش، الممثلة المغربية اليهودية التي تؤدي دور “مسعودة”، أبدعت في تجسيد هذه الشخصية، حيث قدمت للجمهور نموذجاً لشخصية مغربية عاشت في الصويرة وكانت معروفة بطيبوبتها، أخلاقها العالية، وتعاملها الإنساني مع كل من زار مطعمها في حي درب لعلوج. هذه الشخصية الحقيقية تعكس التراث المغربي الأصيل المبني على التسامح والتعايش بين مختلف الديانات والثقافات.

ما يميز “الناس لملاح” ليس فقط تقديمه لشخصيات يهودية مغربية، بل الجرأة في طرح هذه التيمة الحساسة في السياق الفني المغربي. المغرب، المعروف بتعدديته وتسامحه، كان دائماً نموذجاً للتعايش بين المسلمين واليهود لقرون. المسلسل يعزز هذه القيم، في وقت يُعبر فيه المغرب عن موقف واضح ضد الصهيونية والاحتلال، لكنه في الوقت نفسه يدافع عن التعايش بين الأديان واحترام الهويات المتنوعة التي شكلت نسيج المجتمع المغربي.

في تصريح لها، أكدت إيفا قادوش على فخرها الكبير بهويتها المغربية، مشيرة إلى أنها لن تسمح لأي شخص بالتشكيك في مغربيتها أو في حبها لوطنها. وقالت: “أنا مغربية قبل كل شيء، واعتزازي بجذوري اليهودية لا يتعارض أبداً مع وطنيتي. أفتخر بأن أكون جزءاً من هذا العمل الذي يعكس التنوع الغني الذي يميز المغرب، وأدعو دائماً للسلام والتعايش.”

ما يجعل مسلسل “الناس لملاح” فريداً هو قدرته على تجسيد روح “تامغربيت” في كل تفاصيله، سواء على مستوى الموضوعات أو الجماليات. من خلال خلفية مدينة الصويرة، يعكس المسلسل التراث المغربي المتنوع بأبعاده الثقافية والدينية، إلى جانب القضايا الاجتماعية التي يعالجها، مثل العلاقات الأسرية، الجيرة، والصداقة. الديكورات التقليدية، الأزياء، وحتى الحوارات المدروسة، كلها تساهم في خلق عمل متكامل يعكس الهوية المغربية الأصيلة.

علاوة على ذلك، يتميز المسلسل بالإخراج المتقن الذي أضفى لمسة فنية راقية على العمل. استطاعت المخرجة جميلة البرجي بنعيسى أن تبرز جماليات مدينة الصويرة وتفاصيلها العريقة بطريقة تجعل المشاهد يشعر وكأنه يعيش في قلب المدينة. التوظيف الذكي للأماكن التقليدية ساهم في تعزيز واقعية القصة وجعلها تتماهى مع جمالية المدينة وروحها.

أما بالنسبة للكاستينغ، فقد تم اختيار نخبة من الممثلين المغاربة الذين قدموا أدوارهم ببراعة. كان اختيار إيفا قادوش لتجسيد دور “مسعودة” موفقاً للغاية، إذ نجحت في إضفاء لمسة خاصة على الشخصية، مجسدة قيم الطيبة والتسامح والكرم التي كانت تعرف بها “مسعودة” الحقيقية في الصويرة.

هذا التناغم بين التمثيل، الإخراج، والكاستينغ جعل من “الناس لملاح” عملاً فنياً متكاملاً يعكس الهوية المغربية بصدق ويقدم نموذجاً للتعايش والتسامح بين الأديان والثقافات، مما يعزز مكانة المغرب كبلد يحتفي بتنوعه ويعتز بتراثه الغني.
” الناس لملاح” قصة وسيناريو وحوار أحمد بوعروة وجميلة بنعيسى البرجي، الممثلون: ربيع القاطي، هدى صدقى، عبد الحق بلمجاهد، EVA KADOCH ، محسن مالزي، سارة فارس، آمال الثمار، المصطفى خليلي، عبد المجيد سعد الله، جميلة مصلوح، مصطفى هنيني، سميرة هشيكة، إدريس رمسيس، نرجس عاميري، الصديق مكوار، عبد الواحد الموادين، زياد إدريسي، أمين بوعروة، حسن هموش، فاطمة الزهراء بنشقرون، خديجة عدلي، الزوبير عميمي، علي أبوعلي، محمد بنان، مصطفى حقيق، فاطمة حركات، سامي سعد الله، نريمان سداد، سارة العدلاني، رضوان الإبراهيمي، علاء الدين الحواص، أيوب لحنيش، نجوى الفيدي، محمد الزيات، سيجان بن شقرون، سهام أزطوطي، فاطمة أكلاز.
مدير التصوير: إبراهيم أزبار والإخراج للمخرجة المبدعة جميلة بنعيسى البرجي.

 

أما أغنية الجنيريك من كلمات احمد بوعروة وألحان رضوان الديري وأداء فاطمة الزهراء العروسي.