فاطمة الزهراء الجلاد
في حين تحظى الانتخابات الرئاسية الأمريكية باهتمام عالمي واسع، ظل تأثيرها محدوداً تاريخياً على الدول الإفريقية. تعود هذه الظاهرة إلى ثبات السياسة الأمريكية تجاه القارة الإفريقية بغض النظر عن هوية الرئيس أو الحزب المسيطر في الكونغرس. منذ إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تبنت الولايات المتحدة سياسة تركز على التنمية، حقوق الإنسان، والشراكات الأمنية في مواجهة الجماعات المتطرفة المنتشرة في معظم مناطق القارة، واستمرت هذه السياسة دون تغييرات كبيرة رغم تعاقب الإدارات الجمهورية والديمقراطية.
التغيرات العالمية وتأثيرها على السياسة الأمريكية
في تحليل لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أشار الباحث كاميرون هدسون إلى أن الانتخابات الأمريكية الحالية تأتي في سياق تغيرات عالمية مهمة، بدءاً من جائحة كورونا إلى الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد، والحرب في أوكرانيا وغزة. هذه التغيرات، إلى جانب الاستقطاب السياسي العميق داخل الولايات المتحدة، أثرت على نقاط التوافق الحزبي التقليدية، بما في ذلك السياسة تجاه إفريقيا. ومن ثم، فإن نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة ستحدد موقف واشنطن من العديد من القضايا ذات الأهمية الإفريقية.
رؤية الأفارقة تجاه الانتخابات الأمريكية
رغم هذا، يبقى الأفارقة غير متفائلين بما قد تحمله أي إدارة أمريكية جديدة. تجربة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو من أصول إفريقية، لم تغير من واقع السياسة الأمريكية التقليدية تجاه إفريقيا. وعود إدارة الرئيس الحالي جو بايدن بمنح الدول الإفريقية دوراً أكبر في القضايا العالمية لم تتحقق، مما عزز الشكوك حول مصداقية واشنطن. وفي الوقت نفسه، لم يقدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب ولا المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أي إشارات إلى تغيير جوهري في النهج الأمريكي تجاه إفريقيا.
تنويع الشراكات الإفريقية
أمام هذه الحقائق، سعت الدول الإفريقية إلى تنويع شراكاتها بعيداً عن واشنطن. أصبحت الصين الشريك التجاري والاستثماري الأكبر لإفريقيا، كما توسعت الشراكات الأمنية مع روسيا، تركيا، والإمارات. هذه التحركات تعكس عدم الثقة المتزايدة في الولايات المتحدة وتجعل من الصعب على أي إدارة أمريكية جديدة تعميق العلاقات مع القارة.
السياسات الأمريكية المستقبلية تجاه إفريقيا
من غير المتوقع أن تشهد السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا تغيرات كبيرة إذا فازت هاريس أو ترامب. من المحتمل أن تستمر واشنطن في نهجها الأساسي القائم على بعض المبادرات التنموية والإنسانية دون تغيير حقيقي. حتى وصول هاريس، وهي من أصول إفريقية، لم يثر اهتماماً كبيراً بين الأفارقة الذين تعلموا من تجربة أوباما عدم توقع الكثير من واشنطن.
التحديات أمام الإدارة الأمريكية القادمة
ستواجه الإدارة الأمريكية المقبلة تحديات كبيرة في تحسين صورتها لدى الدول الإفريقية، خاصة في ظل الدعم غير المشروط لإسرائيل وأوكرانيا، وهو ما يتعارض مع مصالح القارة. لتحقيق تقدم في العلاقات، سيتعين على الإدارة الجديدة بذل جهود أكبر لتعزيز الثقة وبناء شراكات حقيقية مع الدول الإفريقية، تتجاوز الشعارات إلى العمل الفعلي على أرض الواقع.