دروس وعبر استخلصها الركراكي من مواجهة الغابون

حقق المنتخب الوطني مساء يوم أمس الجمعة، فوزا كبيرا على مضيفه الغابوني بخماسية مدوية ، لحساب الجولة الخامسة من التصفيات المؤهلة لكاس افريقيا للأمم 2025.

انتصار كبير للنخبة الوطنية مع آداء مقبول لجل اللاعبين خاصة خلال الشوط الثاني ، واصل به ابناء الركراكي سلسلة الإنتصارات المتتالية مع تحسن تدريجي في المستوى مع توالي المقابلات ، ليحقق الأسود بذلك العلامة الكاملة ب15 نقطة من خمس انتصارات متتالية ، مع تسجيل خط هجومه ل19 هدفا ، و هو رقم قياسي لحد الآن في التصفيات الإفريقة ، كما لم تهتز شباك المنتخب الوطني الا في مناسبتين.

معطيات و حقائق تؤكد بالملموس ان المنتخب المغربي في تحسن مستمر و مرشح فوق العادة للتويج بالكأس الإفريقية الثانية في تاريخه بين أرضه و جماهيره ، لكن في المقابل وجب الوقوف عند العديد من النقاط السلبية التي اظهرتها مواجهة اليوم امام خصم عنيد و منظم كالغابون.

*الإيجابيات :

-ردة الفعل السريعة للنخبة الوطنية  بعد تسجيل الغابون لهدف السبق مبكرا ، رغم الضغط  الذي مارسه اصحاب الأرض منذ صافرة البداية و كذا البداية المتعثرة للعناصر الوطنية في أول ربع ساعة ، لكن نجح المنتخب الوطني في قلب الطاولة على رفقاء اوباميانغ سريعا بتسجيلهم لثلاثية خلال 7 دقائق قتلوا معها حماس و آمال الغابون بالعودة في النتيجة.

-الكرات الثابثة: تمكن المنتخب الوطني من تسجيل 3 أهداف من كرات ثابثة لأول مرة منذ مدة طويلة و هو ما يوضح بالملموس اشتغال الطاقم التقني للمنتخب المغربي على هاته النقطة بالذات ، و التي شكلت نقطة ضعف للمنتخب الوطني على مر السنين .

فمواجهة اليوم اظهرت لنا بالملموس ان وليد الركراكي يعي جيدا اهمية الكرات التابثة ، و هو ما لمسناه خلال لقاء اليوم ،  فالطريقة و الكيفية التي نفدت بها جل الركلات سواء ضربات الأخطاء و الركنيات تدرس ، و وضعت الفريق المنافس في حيرة من أمره لاسيما و ان معظم الركلات التابثة كادت ان تترجم الى اهداف لدقتها و حسن اتقانها من طرف عناصر المنتخب ، و هو ما قد يشكل حل مهم و إضافي لوليد خلال الكان المقبل ببلادنا .

-براهيم دياز : لاعب من الطراز الرفيع ، حاسم امام المرمى ، ذو رؤية مميزة و تاقبة للملعب ، سريع ، سخي بدنيا ، قوي في الواحد ضد الواحد ، بامكانه مراوغة عدة لاعبين في آن واحد ، تمريراته ميلمترية ، و يعتبر العصب الحساس للمنتخب الوطني ، فدياز بامكانه حسم الأمور بلمسة واحدة ، و ما تسجيله لهدفين اليوم في شباك الغابون الا تأكيدا على قيمة و مكانة لاعب ريال مدريد داخل منظومة المنتخب الوطني ، في المقابل ، يشكل غيابه عن التشكيل الرسمي ضربة قوية للمنتخب خاصة على مستوى بناء اللعب و التحولات الهجومية .

-الجوهرة الياس بنصغير : كان همزة الوصل بين وسط الميدان و الهجوم ، و قدم واحدة من افضل مبارياته على الإطلاق بقميص المنتخب الوطني ، رغم خوضه لأول لقاء مع المغرب بالأدغال الإفريقية ، بيد ان ذلك لم يمنعه من تقديم مستوى كبير .

و شكلت تحركاته سما قاتلا لدفاع منتخب الغابون ، ركضاته التقدمية بالكرة نحو الأمام ، و مراوغاته الفدة خلخلت توازن و دفاع اصحاب الأرض ، مد زملائه بكرات عديدة في الخط الأمامي ، كما كان السبب وراء حصول المنتخب على الخطأ الذي جاء منه هدف التعادل ، دون الإغفال عن مساندته الكبيرة لخط الدفاع عند ضياع الكرة.

-دكة الإحتياط : يتوفر المنتخب المغربي على دكة احتياط قوية و متنوعة ، و هو ما تجلى بالملموس خلال الشوط الثاني ، باقحام الركراكي لكل من ابوخلال ، النصيري  و الصيباري ، هذا الأخير قدم تمريرة الهدف الرابع على طبق من ذهب للنصيري ، ثم سجل واحدا من افضل الأهداف هذا الموسم بعد تلاعبه بدفاع الغابون من الجهة اليسرى بطريقة غاية في الروعة ثم اسكن الكرة في الزاوية التسعين لشباك الحارس لويس مبابا معلنا عن الهدف الخامس للأسود .

*السلبيات :

-المنظومة الدفاعية : كشف المنتخب الغابوني اليوم عورة منظومتنا الدفاعية ، لاسيما على مستوى المساندة الدفاعية على الأطراف ، و الإختراق من العمق .

و شكل الغابون خلال الشوط الأول خطورة مستمرة على دفاعنا ، لغياب المساندة الدفاعية لكل من الزلزولي و دياز على الأطراف ، و هو ما تجلى في هدف السبق لدينيس بوانغا ، بعد تحول هجومي سريع لاصحاب الأرض خاصة من جهة مزراوي ، و كذا فشل حكيمي في قراءة مسار الكرة بشكل صحيح  ما مكن الغابون من افتتاح حصة التسجيل مبكرا .

إضافة الى غياب الرقابة الدفاعية ، و الإرتداد الدفاعي لاسيما على مستوى العمق ، فاوناحي كان شبه غائب اليوم و لم يقدم الدعم الكافي لامرابط على مستوى الإرتداد الدفاعي ، ما منح اصحاب الأرض الأفضلية للدخول من العمق في وجود مساحات كبيرة وراء ظهر امرابط و تهديد مرمى بونو في اكثر من مناسبة .

-مزواري على الطرف الأيسر : شكل منتخب الغابون خطورة كبيرة من جهة مزراوي ، و استهدف المدرب مويوما خصيصا المساحة وراء ظهر مزراوي ، و عدم قدرة هذا الأخير على الإستدارة بشكل صحيح و كذا العودة للقيام بالواجبات الدفاعية ، و هي نقطة  اتت بثمارها في الهدف الوحيد الذي سجله الغابون .

الدفع بمزراوي كظهير مزور ، في وجود كل من المجرب يحيى عطية الله و آدم آزنو على دكة البدلاء قرار غير مفهوم و يحتاج لاعادة النظر ، فقوة مزراوي تكمن في الطرف الأيمن رغم خوضه لمباريات عديدة مع نادي مانشستر كظهير ايسر  ، لكن الظروف تختلف فالمنافسة داخل افريقيا تعتمد على الجاهزية البدنية و السرعة في اتخاد القرار ، و هو ما يفتقده مزراوي على الطرف الأيسر .

في الختام ، هي مواجهة اظهرت قدرة المنتخب المغربي على تحدي الصعاب ، رغم حرارة الطقس ، الرطوبة و الخصم الذي لم يكن سهل المراس كما يعتقد البعض ، اجتازت كتيبة الركراكي مطب الغابون بنجاح و ابانت عن مستوى جيد جدا ، و تنوع كبير في اللعب ، مع الحرص على تصحيح بعض الروتوشات الصغيرة التي ذكرناها مستقبلا ، و الأكيد ان المنتخب المغربي يتوفر على أرمادا كبيرة مدججة بابرز اللاعبين بامكانها هزم اي خصم بشرط التحلي بروح المسؤولية ، و العمل المستمر و الدؤوب على تصحيح النواقص ، و كذا تعزيز المكتسبات في المستقبل لفك النحس و التتويج بالكأس الإفريقية الثانية في تاريخنا انشاء الله العام القادم بالمغرب.