في سياق تعزيز مشروع الجهوية المتقدمة، دعا المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره الأخير، إلى ضرورة استكمال الإطار القانوني والتشريعي المنظم لهذه الرؤية، التي تشكل إحدى الركائز الأساسية في استراتيجية التنمية المستدامة بالمغرب.
وأشار التقرير إلى أن الجهوية المتقدمة، ورغم تحقيقها تقدمًا ملموسًا في السنوات الأخيرة، ما زالت تواجه تحديات قانونية وتنظيمية تحول دون تحقيق أهدافها الكاملة. ومن أبرز هذه التحديات عدم وضوح الاختصاصات بين الجهات والجماعات الترابية الأخرى، مما يؤدي إلى ازدواجية الأدوار وصعوبات في التنسيق بين مختلف الفاعلين.
وأكد التقرير أن استكمال الإطار القانوني سيسهم في تحسين آليات العمل وتحديد المسؤوليات بشكل أكثر دقة، بما يضمن تفعيلًا أفضل للمبادئ الدستورية التي تكرس اللامركزية وتدعم التنمية المجالية. كما شدد على أهمية تعزيز القدرات الإدارية والبشرية على المستوى الجهوي لتتمكن الجهات من أداء أدوارها التنموية بكفاءة.
من جهة أخرى، دعا خبراء في التنمية والحكامة إلى اعتماد مقاربة تشاركية في صياغة القوانين المرتبطة بالجهوية المتقدمة، تشمل مختلف الفاعلين من مؤسسات رسمية، وأكاديميين، ومجتمع مدني. واعتبروا أن نجاح هذا المشروع يرتبط بالأساس بتوفير الموارد المالية الكافية وضمان التوزيع العادل للاستثمارات بين الجهات.
وفي تصريح خاص، أكد أحد المسؤولين بوزارة الداخلية أن الجهود جارية لتطوير منظومة قانونية متكاملة تعزز من مكانة الجهات كفاعل رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الحكومة عازمة على تسريع وتيرة الإصلاحات لتحقيق الانسجام بين النصوص القانونية والممارسات الميدانية.
تجدر الإشارة أن تزايد التحديات المجالية والاجتماعية، تبقي الجهوية المتقدمة أداة محورية لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة، إلا أن نجاحها يظل رهينًا باستكمال الإطار القانوني وتفعيل آليات الحكامة الرشيدة التي تضع المواطن في صلب السياسات العمومية.