دعا النقيب ورئيس المرصد المغربي للسجون، عبد الرحيم الجامعي، حزب العدالة والتنمية إلى ضرورة مراجعة موقفه من تصويت المغرب على قرار إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام. واعتبر الجامعي أن موقف الحزب “يحرض على انتهاك الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والحق في الحياة”، مما يستوجب إعادة النظر في هذه القضية الهامة.
في رسالة موجهة إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أشار الجامعي إلى أن موقف الحزب يعكس “فهمًا ضيقًا وغير علمي” لموضوع الإعدام في المغرب. ودعا إلى ضرورة الفصل بين السياسي والديني لضمان معالجة القضايا القانونية والاجتماعية بموضوعية.
أوضح الجامعي أن موقف الحزب يقلل من أهمية القرار الأممي ويستخف بالذكاء السياسي والقانوني المغربي، مشيرًا إلى أن المغرب حقق مكاسب حقوقية كبيرة في السنوات الأخيرة. ولفت إلى أن الدراسات العلمية تؤكد أن الإعدام لا يحد من الجريمة، مستشهداً بأمثلة من دول مثل السعودية وإيران التي لم تشهد انخفاضًا في معدلات الجريمة رغم تنفيذها المتكرر لعقوبة الإعدام.
وفي رده على بيان الحزب الذي أشار إلى أن قرار المغرب بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام ليس إلا استمرارًا للوضع القائم منذ 1993، قال الجامعي إن عدم تنفيذ الإعدام في المغرب ليس منعًا قانونيًا بل قرارًا سياسيًا، وأن القانون المغربي لا يزال يسمح بتنفيذ العقوبة وقد يتم تغيير الموقف في أي وقت إذا قررت الحكومة التنفيذ.
وأشار رئيس مرصد السجون إلى أن موقف الحزب يتناقض مع التطورات العالمية التي شهدتها العديد من الدول بإلغاء عقوبة الإعدام، مشيرًا إلى أن دولًا إسلامية أخرى اتخذت خطوات مماثلة، مما يعكس تحولًا في الفكر القانوني العالمي. ودعا الجامعي الحزب إلى أن يتبنى موقفًا يتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان، مشددًا على أهمية أن يظل المغرب في طليعة الدول التي تحترم حياة الإنسان وكرامته.
انتقد الجامعي موقف الحزب من القصاص كحل للجريمة، معتبرًا أن هذا الموقف “يشجع على الانتقام بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية للجريمة في المجتمع”. وأكد أن الدعوة إلى القصاص تتجاهل الواقع القانوني المغربي الذي يعتمد على القانون الوضعي وليس على الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع الجنائي.
وأشار الجامعي إلى أن الدفاع عن عقوبة الإعدام يعزز سياسة التشدد في النظام الجنائي، وهو ما لم ينجح في تقليل الجريمة. وأكد أن المغرب بحاجة إلى إصلاحات جنائية تركز على الإصلاح والتهذيب بدلاً من العقوبات القاسية. ودعا إلى أن يتم تبني سياسات جنائية تركز على إعادة تأهيل الجناة وتوفير فرص إعادة الإدماج الاجتماعي لهم.
وختم الجامعي رسالته بالتأكيد على ضرورة أن يتبنى حزب العدالة والتنمية موقفًا يتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان، مشددًا على أهمية أن يظل المغرب في طليعة الدول التي تحترم حياة الإنسان وكرامته. واعتبر أن التمسك بعقوبة الإعدام يتعارض مع التقدم الذي حققته المملكة في مجال حقوق الإنسان.
وكان حزب العدالة والتنمية قد أصدر بيانًا في 11 ديسمبر 2024 بشأن قرار الحكومة بالتصويت لأول مرة لصالح قرار الأمم المتحدة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام. وأشار البيان إلى أن هذه الخطوة ليست إلا استمرارًا للوضع القائم منذ 1993، ولا يمكن اعتبارها خطوة نحو إلغاء العقوبة.
أكد الحزب موقفه “الثابت” من عقوبة الإعدام في الجرائم الأشد خطورة، معتبرًا أن القصاص يحقق شعورًا بالإنصاف للمجتمع وذوي الحقوق. واعتبر أن المسار التراكمي لتعامل المغرب مع عقوبة الإعدام يعكس نضجًا في التعاطي مع الموضوع. وأشار إلى قانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري الذي خفض حالات الحكم بالإعدام، معتبرًا أنه يمثل توازنًا بين تقليص حالات الإعدام وتطبيق القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم.
يبقى الجدل حول عقوبة الإعدام في المغرب قضية شائكة تستوجب نقاشًا معمقًا ومفتوحًا يشارك فيه كافة الأطراف المعنية لضمان التوصل إلى حلول تتماشى مع التطورات القانونية والحقوقية العالمية وتحافظ على أمن واستقرار المجتمع المغربي.
فاطمة الزهراء الجلاد.