بعد سنوات من الخلافات مع دول أوروبية حول قضية الهجرة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يقترب من توقيع اتفاقيات بمليارات اليوروهات مع المغرب والأردن لتعزيز التعاون في تقليص الهجرة إلى الاتحاد. أعلنت المفوضة الأوروبية الجديدة للمتوسط عن هذه المبادرات، التي تهدف إلى تقديم دعم مالي للدولتين مقابل تدابير أكثر صرامة على الحدود.
تأتي هذه الجهود في وقت تزايد فيه الدعم للأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة عبر الاتحاد الأوروبي. ولذلك، يواصل الاتحاد الضغط على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحد من الهجرة، وتقديم الدعم المالي مقابل اتخاذ تدابير أكثر صرامة على الحدود، وفقًا لما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
تشير الصحيفة إلى أن هذه المبادرات تأتي في وقت تواجه فيه الاتفاقات الأخيرة مع مصر وتونس انتقادات بشأن سجل حقوق الإنسان في البلدين. ويعتبر المغرب دولة عبور هامة وقد تلقى بالفعل تمويلاً من بروكسل للحد من المغادرات إلى الاتحاد، بينما تستضيف الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري مما يضع ضغطًا على اقتصاد المملكة الصغيرة.
صرحت المفوضة دوبرافكا شويسا بأن الاتفاق مع عمان “قريب من الانتهاء” ومن المتوقع توقيعه من قبل الملك عبد الله في بروكسل في نهاية يناير أو أوائل فبراير. وأكدت شويسا أن الاتفاق التالي بعد الأردن سيكون مع المغرب، معتبرة المغرب من أهم الدول الشريكة. وأشارت إلى أن الاتفاقيات مع الأردن والمغرب ستكون مماثلة من حيث الحجم للاتفاقية مع مصر، وستشمل مشاريع تجارية وطاقة بالإضافة إلى تدابير للحد من الهجرة.
أكدت شويسا أن البلدان الشريكة يجب أن تفي بالمعايير المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات، بما في ذلك بند حقوق الإنسان. وأوضحت أنه لن يتم صرف أي سنت من هذه الأموال قبل أن تفي الدول بالمعايير المطلوبة في بند حقوق الإنسان.
تعد هذه الاتفاقيات جزءًا من جهود الاتحاد الأوروبي لعقد اتفاقات مع دول شمال أفريقيا، بما في ذلك موريتانيا وتونس ومؤخرًا مصر، لمنع وصول المهاجرين إلى حدوده. وفي وقت سابق، نقلت صحيفة “دي كرون” أن الاتحاد الأوروبي يسعى لتوقيع اتفاقية للهجرة مع المغرب بحلول نهاية عام 2024، وفقًا لتصريحات دبلوماسيين رفيعي المستوى من بروكسل.
استأنف المغرب محادثاته الثنائية مع عدد من الدول الأوروبية حول قضية الهجرة، بما في ذلك ألمانيا التي وقعت وزيرة داخليتها مؤخرًا إعلان نوايا مع المغرب في قضايا الأمن والهجرة. تأتي هذه المحادثات بعد سنوات من الخلافات بين البلدين حول قضية الهجرة.
أحد أبرز تلك الخلافات كان في أكتوبر 2018، عندما أبرمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتفاقًا يعتمد على استضافة دول أخرى للمهاجرين الذين ترفضهم ألمانيا إلى حين النظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم. اقترحت ميركل أن يشيد المغرب مخيمات لاحتجاز المهاجرين، وهو ما رفضه المغرب بشدة.
صرح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة آنذاك بأن المغرب غير مستعد لتقديم أي جزء من أراضيه كمنطقة احتجاز للمهاجرين للإقامة فيها أثناء عملية التقييم. وأكد أن المغرب يعارض كل أشكال المراكز التي تأتي بنتائج عكسية، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يعد جزءًا أساسيًا من سياسة الهجرة الوطنية للمغرب.
رفض المغرب العروض المالية الأوروبية للعب دور الدركي لإيقاف تدفق المهاجرين على أوروبا، وأكد بوريطة أن العروض المالية لن تغير رأيه، مشددًا على أن هذه الفرصة ليست ببساطة ما يحتاجه المغرب.
فاطمة الزهراء الجلاد.