وهبي: حالات الطلاق الاتفاقي في المغرب تجاوزت 24 ألف حالة خلال سنة 2023

كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في جلسة أسئلة شفوية بمجلس النواب، عن رقم مفزع بخصوص ظاهرة الطلاق في المغرب، حيث بلغ مجموع حالات الطلاق الاتفاقي خلال سنة 2023 ما يقارب 24 ألف و162 حالة.
تأتي هذه الأرقام في وقت تتزايد فيه المخاوف من انعكاسات ظاهرة الطلاق على استقرار الأسرة المغربية. وبحسب الوزير، بلغت حالات الطلاق الرجعي 341 حالة من أصل 249 ألف و89 عقد زواج سجل في نفس السنة.
في هذا السياق، أشار وزير العدل إلى أن ارتفاع حالات الطلاق يشكل تحديًا كبيرًا للمجتمع المغربي، وأنه يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وفعّالة لمعالجته. وقد طرح الوزير في رده على سؤال شفهي حول “ظاهرة الطلاق والإجراءات المتخذة لمعالجتها”، عدة تدابير تستهدف الحد من هذه الظاهرة، أبرزها تعزيز التوعية بأهمية التأهيل المسبق للحياة الزوجية. كما أشار إلى ضرورة تدارس أفضل السبل لإقرار منظومة متكاملة للوساطة الأسرية في أقسام قضاء الأسرة المغربية.
ووفقا للوزير، فقد نصت مدونة الأسرة على إلزامية محاولة الصلح بين الزوجين قبل اتخاذ أي قرار بالطلاق، وهو ما يُعد إجراء جوهريا في المواد الأسرية. وأكد أن هذه المحاولة قد تشمل مؤسسات عدة وأشخاص معنيين، مثل مجلس العائلة، المجالس العلمية، والمساعدين الاجتماعيين، الذين يمكن أن يعينهم القاضي في مساعيه لإجراء الصلح.
من جهة أخرى، سلط وهبي الضوء على دور مكاتب المساعدة الاجتماعية في عملية الوساطة الأسرية، مشيرا إلى أن هذه المكاتب تلعب دورا محوريا في مساعدة الزوجين على التوصل إلى تسوية قبل اللجوء إلى الطلاق. ويبدو أن الحكومة تبذل جهودا حثيثة لزيادة فعالية هذه المكاتب وتوسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد من الحالات.
وفي إطار الإجراءات الوقائية، أكد الوزير أن الوزارة تعمل على تطوير برامج توعية وتحسيس تتعلق بالتأهيل المسبق للحياة الزوجية، وذلك بالتعاون مع الجمعيات والمنظمات الاجتماعية. ويهدف هذا التوجه إلى تحصين العلاقات الزوجية وتعزيز الاستقرار الأسري من خلال تقديم استشارات ودورات تدريبية للخطاب والمقبلين على الزواج.
من جهتها، أكدت جمعيات حقوقية ومجتمعية أن الخطوات التي اتخذتها وزارة العدل قد تساهم في الحد من ظاهرة الطلاق، ولكنها اعتبرت أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التشريعات الكفيلة بحماية حقوق النساء والأطفال في إطار الطلاق. وطرحت هذه الجمعيات ضرورة تقوية دور القضاء في معالجة قضايا الطلاق بشكل أكثر فاعلية، وخاصة فيما يتعلق بحماية الأطفال من تداعيات الطلاق.
ويبدو أن محاولات الحكومة للحد من هذه الظاهرة ستتواصل من خلال إجراءات تشريعية جديدة، قد تشمل تعديل بعض بنود مدونة الأسرة لتسهيل الوصول إلى الحلول التوفيقية بشكل أسرع وأكثر فعالية. وفي هذا السياق، تسعى الحكومة إلى تحديث النظام القضائي ليكون أكثر قدرة على التعامل مع قضايا الأسرة بشكل شامل وموضوعي.
ورغم هذه الجهود الحكومية، يبقى الواقع الاجتماعي في المغرب يطرح تحديات كبيرة، في مقدمتها التعامل مع الآثار السلبية للطلاق على الأطفال، الذين يعانون في الكثير من الأحيان من تداعيات فقدان الاستقرار الأسري. وهو ما يضع على عاتق الحكومة والمجتمع المدني مسؤولية مشتركة في إيجاد حلول جذرية لهذه الإشكالية.
فاطمة الزهراء الجلاد.