الحكومة تمرر مشروع قانون الإضراب في مجلس النواب: جدل جديد حول الحقوق العمالية

في خطوة أثارت جدلا واسعا، صادق مجلس النواب المغربي، مساء يوم الثلاثاء الماضي، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، بأغلبية عددية بلغت 124 صوتا مقابل 41 معارضا. هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه المغرب توترا اجتماعيا متصاعدا، حيث عبرت النقابات العمالية عن استيائها من محتوى القانون والإجراءات التي رافقت المصادقة عليه.
يعتبر مشروع القانون الجديد من أكثر القوانين المثيرة للجدل في الساحة السياسية المغربية. فبينما ترى الحكومة أن هذا التشريع هو تنظيم ضروري للإضراب، يعتبرته المعارضة خطوة نحو تقويض حقوق العمال. أحد التعديلات البارزة التي طرحتها الحكومة هو إدراج العاملات والعمال المنزليين ضمن الفئات المعنية بالإضراب، وهو ما اعتبره البعض خطوة إيجابية في تعزيز حقوق هؤلاء العمال. ومع ذلك، فقد تضمن المشروع تعديلات أخرى تثير القلق، مثل تقليص الآجال المقررة للتبليغ عن تنفيذ الإضراب في القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى السماح للسلطات العمومية باللجوء إلى القضاء الاستعجالي لإيقاف الإضرابات إذا كانت تهدد النظام العام.
هذه التعديلات أثارت انقساما كبيرا في صفوف النواب، حيث اعتبرت المعارضة أن الحكومة لم تلتزم بمقاربة تشاركية شاملة. وانتقدت كيف تم تغيير صيغة المشروع في مرحلة متقدمة من المناقشة، مما حال دون تمكين النواب من ممارسة دورهم التشريعي بالشكل الأمثل. كما أشار الفريق الاشتراكي إلى أن الحكومة لم تقدم تصوراً واضحاً للمشروع في المناقشات، مما يعكس غياب التزام حقيقي بالحوار الاجتماعي.
القانون، الذي ينظر إليه من قبل البعض على أنه مجرد تنظيم تقني لممارسة الإضراب، يراه آخرون خطوة في مسار تعزيز دولة الحق والقانون. وقد أكد العديد من النقابيين أن هذا القانون قد يحد من حرية الإضراب ويزيد من التوتر بين الحكومة والعمال. في هذا السياق، تعتبر المعارضة أن حقوق العمال يجب أن تكون محمية بشكل كامل، دون فرض قيود قد تؤثر على جوهر هذه الحقوق.
في خضم هذا الجدل، يبقى السؤال الرئيسي: هل سيساهم هذا القانون في إيجاد توازن بين حماية النظام العام وضمان حقوق العمال، أم أنه سيؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية والصدام بين الحكومة والشارع؟ هذه التساؤلات تظل معلقة، خاصة في ظل غياب حوار اجتماعي حقيقي وشامل قبل تمرير التشريعات التي تؤثر بشكل مباشر على حقوق المواطنين.
المصادقة على مشروع قانون الإضراب تأتي في وقت يشهد فيه المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية، مما يضاعف من أهمية إجراء حوار شامل بين جميع الأطراف المعنية قبل اتخاذ قرارات مؤثرة قد تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.
فاطمة الزهراء الجلاد.