في تقرير حديث صادر عن معهد تشاتام هاوس، الذي يعد من أبرز مراكز الفكر البريطانية في مجال الشؤون الدولية، تم تسليط الضوء على الدور المتنامي للمغرب كجسر استراتيجي يربط الصين بالأسواق الغربية. التقرير الذي تناوله موقع “دويتشه فيله” الألماني أثار تساؤلات حول إمكانية تحول المغرب إلى ساحة معركة في الحرب التجارية العالمية، في ضوء التحديات التي تفرضها القيود الحمائية التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا على الصناعات الصينية.
التقرير يبرز أهمية زيارة الرئيس الصيني في نوفمبر الماضي إلى المغرب، التي أكد فيها على الدور الحيوي للمملكة في تعزيز هيمنة الصين على صناعة السيارات الكهربائية. المغرب، الذي يمتلك أكثر من 70% من احتياطيات الفوسفاط العالمية، يعد من أهم الموردين للمعادن الأساسية التي تدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. وهذا يجعل منه شريكا استراتيجيا لا غنى عنه بالنسبة للصين، في وقت يسعى فيه العالم إلى التحول نحو الطاقة النظيفة.
إضافة إلى ذلك، يحقق المغرب تقدما كبيرا في مجال البنية التحتية، حيث يتمتع بشبكات نقل برية وسكك حديدية متطورة، وقوى عاملة ماهرة، واستقرار سياسي واجتماعي يعزز من جذب الاستثمارات الأجنبية. هذه العوامل مجتمعة تجعل من المغرب وجهة مثالية للاستثمار في القطاع الصناعي والتكنولوجي، خاصة في ظل ما يعانيه العالم من تحديات اقتصادية وتجارية.
لكن الأبرز في التقرير هو الإشارة إلى استراتيجية المغرب الاقتصادية التي تتميز بالمرونة والذكاء. فالرباط تسعى جاهدة إلى حماية مصالحها دون الانحياز بشكل واضح لأي طرف في الصراع التجاري القائم بين الصين من جهة، والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى. هذه السياسة جعلت من المغرب نموذجا يحتذى به في دول الجنوب، حيث يتمكن من تحقيق التوازن بين الحفاظ على استقلاليته الاقتصادية ودوره الفاعل في التجارة العالمية.
وبينما يتواصل الصراع التجاري بين القوى الكبرى، يظهر المغرب كداعم رئيسي للاستثمارات العالمية دون التورط في مواجهات تجارية قد تضر بمصالحه. في هذا السياق، يعكس نجاح المغرب في هذا التوجه الاستراتيجي قدرة الدول النامية على اللعب بأدوار محورية في الاقتصاد العالمي، والاستفادة من التنافس بين القوى الكبرى لصالحها.
فاطمة الزهراء الجلاد.