“الشباب المغربي بين سياسات الحكومة وتحديات الواقع”

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، يجد الشباب أنفسهم في قلب أزمة متعددة الأبعاد تتراوح بين البطالة، وصعوبة الولوج إلى سوق العمل، وارتفاع تكاليف المعيشة. هذه الفئة، التي تشكل العمود الفقري لمستقبل البلاد، تواجه تحديات كبيرة رغم وعود السياسات الحكومية وبرامجها المعلنة.

من أبرز المبادرات التي أطلقتها الحكومة مؤخراً نجد برامج مثل “فرصة” و”أوراش”، والتي تهدف إلى تحسين ظروف الشباب وتوفير فرص عمل. ومع ذلك، يظل التساؤل مطروحاً حول مدى فعالية هذه البرامج في تلبية التطلعات الحقيقية للشباب. هل تُعتبر حلولاً مستدامة أم مجرّد استجابات ظرفية تهدف إلى تهدئة الشارع؟

لا يمكن إنكار الجهود المبذولة، لكن النتائج على أرض الواقع لا تزال محدودة. البطالة لا تزال في مستويات مرتفعة، والتعليم يعاني من فجوة كبيرة بين ما يُقدَّم في المؤسسات التعليمية وما يتطلبه سوق العمل. أضف إلى ذلك التضخم وغلاء الأسعار الذي يلتهم أحلام الشباب في تأسيس حياة مستقلة أو تحقيق الاستقرار المادي.

وفي ظل هذا الواقع، يجد العديد من الشباب أنفسهم مجبرين على البحث عن بدائل خارج الحدود، سواء عبر الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، ما يعكس فقدان الثقة في قدرة السياسات الداخلية على تحسين أوضاعهم.

إن الحل لا يكمن فقط في إطلاق برامج اقتصادية، بل يتطلب رؤية شاملة تضع الشباب في قلب التنمية الوطنية. يجب إعادة النظر في منظومة التعليم والتكوين المهني لتكون متوافقة مع احتياجات السوق. كما أن الاستثمار في مشاريع تُشرك الشباب فعلياً وتمنحهم فرصاً للمساهمة في صناعة القرار قد يكون خطوة نحو استعادة الثقة.

الشباب المغربي ليس عبئاً على الدولة، بل فرصة حقيقية لتحقيق التنمية. إلا أن هذه الفرصة لن تتحقق دون سياسات جريئة ومتكاملة تُعالج جذور المشاكل، وليس فقط مظاهرها. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الشباب إلى أكثر من وعود؛ يحتاجون إلى تغيير ملموس يفتح لهم آفاقاً جديدة ويرسخ لديهم الإيمان بمستقبل أفضل داخل وطنهم.